للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَكَانَ يَبْسُطُ عَلَى النَّبِيِّ فَيَقُولُ لَهُ افْعَلْ كَذَا وَلَا تَفْعَلْ كَذَا، كَقَوْلِهِ احْجُبْ نِسَاءَكَ. وَقَوْلِهِ: لَا تُصَلِّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِصِحَّةِ نَصِيحَتِهِ وَقُوَّتِهِ فِي الْإِسْلَامِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: وَافَقْتُ اللَّهَ فِي ثَلَاثٍ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: وَبَلَغَنِي مُعَاتَبَةُ النَّبِيِّ بَعْضَ نِسَائِهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِنَّ فَقُلْتُ: لَئِنِ انْتَهَيْتُنَّ أَوْ لَيُبَدّلَنَّ اللَّهُ رَسُولَهُ خَيْرًا مِنْكُنَّ، حَتَّى أَتَيْتُ إِحْدَى نِسَائِهِ فَقَالَتْ: يَا عُمَرُ، أَمَا فِي رَسُولِ اللَّهِ مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ؟ وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ كَمَا أَخْرَجَ الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا أُمُّ سَلَمَةَ لِكَلَامِهَا الْمَذْكُورِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ هُنَا، لَكِنَّ التَّعَدُّدَ أَوْلَى، فَإِنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ: وَبَلَغَنِي مَا كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَاسْتَقْرَيْتُهُنَّ أَقُولُ لَتَكُفُّنَّ الْحَدِيثَ، وَيُؤَيِّدُ التَّعَدُّدَ اخْتِلَافُ الْأَلْفَاظِ فِي جَوَابَيْ أُمِّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ (وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تَنْعَلُ الْخَيْلَ) فِي الْمَظَالِمِ بِلَفْظِ تَنْعَلُ النِّعَالَ أَيْ تَسْتَعْمِلُ النِّعَالَ وَهِيَ نِعَالُ الْخَيْلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُعْجَمَةِ وَيُؤَيِّدُهُ لَفْظُ الْخَيْلِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وتَنْعَلُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَأَنْكَرَ الْجَوْهَرِيُّ ذَلِكَ فِي الدَّابَّةِ فَقَالَ: أَنْعَلْتُ الدَّابَّةَ وَلَا تَقُلْ نَعَلْتُ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا بِضَمِّ أَوَّلِهِ. وَحَكَى عِيَاضٌ فِي تَنْعَلُ الْخَيْلَ الْوَجْهَيْنِ، وَغَفَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: الْمَوْجُودُ فِي الْبُخَارِيِّ تَنْعَلُ النِّعَالَ فَاعْتَمَدَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْمَظَالِمِ، وَلَمْ يَسْتَحْضِرِ الَّتِي هُنَا وَهِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ عَلَيْهَا عِيَاضٌ.

قَوْلُهُ (لِتَغْزُونَا) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ: وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا، فَقَدِ امْتَلَأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ، وَفِي رِوَايَتِهِ الَّتِي فِي اللِّبَاسِ: وَكَانَ مَنْ حَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ قَدِ اسْتَقَامَ لَهُ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَلِكُ غَسَّانَ بِالشَّامِ كُنَّا نَخَافُ أَنْ يَأْتِيَنَا، وَفِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ: وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَخْوَفَ عِنْدَنَا مِنْ أَنْ يَغْزُوَنَا مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ.

قَوْلُهُ (فَنَزَلَ صَاحِبِي الْأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ: أَثَمَّ هُوَ)؟ أَيْ فِي الْبَيْتِ، وَذَلِكَ لِبُطْءِ إِجَابَتِهِمْ لَهُ فَظَنَّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ، وَفِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ أَنَائِمٌ هُوَ؟ وَهِيَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ (فَفَزِعْتُ) أَيْ خِفْتُ مِنْ شِدَّةِ ضَرْبِ الْبَابِ بِخِلَافِ الْعَادَةِ.

قَوْلُهُ (فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ: مَا هُوَ؟ أَجَاءَ غَسَّانُ) فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ أَجَاءَتْ، وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ أَجَاءَ الْغَسَّانِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَسْمِيَتُهُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ. قَوْلُهُ (لَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ) هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُمَرَ، لِكَوْنِ حَفْصَةَ بِنْتَهُ مِنْهُنَّ.

قَوْلُهُ (طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ نِسَاءَهُ) كَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ طَلَّقَ بِالْجَزْمِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَقَالَ عُمَرُ: لَعَلَّ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي شِمْرٍ سَارَ إِلَيْنَا، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: مَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا قَدْ طَلَّقَ نِسَاءَهُ، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَسَمَّى الْأَنْصَارِيَّ أَوْسَ بْنَ خَوْلِيٍّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَوَقَعَ قَوْلُهُ طَلَّقَ مَقْرُونًا بِالظَّنِّ.

قَوْلُهُ (وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ سَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ) يَعْنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ (فَقَالَ) يَعْنِي الْأَنْصَارِيَّ (اعْتَزَلَ النَّبِيُّ أَزْوَاجَهُ) لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ هُنَا مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ إِلَّا هَذَا الْقَدْرَ، وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَقُلْتُ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ فَهُوَ بَقِيَّةُ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ قَدْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ التَّحْرِيمِ بِلَفْظِ: فَقُلْتُ جَاءَ الْغَسَّانِيُّ؟ فَقَالَ: بَلْ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، اعْتَزَلَ النَّبِيُّ أَزْوَاجَهُ، فَقُلْتُ: رَغِمَ أَنْفِ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ، وَظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ مِنْ قَوْلِهِ اعْتَزَلَ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ مِنْ سِيَاقِ الطَّرِيقِ الْمُعَلَّقِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنْتُهُ، وَالْمُوقِعُ فِي ذَلِكَ