للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (غَارَتْ أُمُّكُمْ) الْخِطَابُ لِمَنْ حَضَرَ، وَالْمُرَادُ بِالْأُمِّ هِيَ الَّتِي كَسَرَتِ الصَّحْفَةَ وَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أُمُّكُمْ سَارَّةُ، وَكَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَهُ: لَا تَتَعَجَّبُوا مِمَّا وَقَعَ مِنْ هَذِهِ مِنَ الْغَيْرَةِ فَقَدْ غَارَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أُمُّكُمْ حَتَّى أَخْرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَلَدَهُ إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ طِفْلٌ مَعَ أُمِّهِ إِلَى وَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَهُ بَعْضُ تَوْجِيهٍ لَكِنَّ الْمُرَادَ خِلَافُهُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ كَاسِرَةُ الصَّحْفَةِ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ جَمِيعُ مَنْ شَرَحَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالُوا: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى عَدَمِ مُؤَاخَذَةِ الْغَيْرَاءَ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهَا لِأَنَّهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَكُونُ عَقْلُهَا مَحْجُوبًا بِشِدَّةِ الْغَضَبِ الَّذِي أَثَارَتْهُ الْغَيْرَةُ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: أَنَّ الْغَيْرَاءَ لَا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلَاهُ قَالَهُ فِي قِصَّةٍ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَفَعَهُ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْغَيْرَةَ عَلَى النِّسَاءِ، فَمَنْ صَبَرَ مِنْهُنَّ كَانَ لَهَا أَجْرُ شَهِيدٍ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَأَشَارَ إِلَى صِحَّتِهِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي عُبَيْدِ بْنِ الصَّبَاحِ مِنْهُمْ. وَفِي إِطْلَاقِ الدَّاوُدِيِّ عَلَى سَارَّةَ أَنَّهَا أُمُّ الْمُخَاطَبِينَ نَظَرٌ أَيْضًا، فَإِنَّهُمْ إِنْ كَانُوا مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَأُمُّهُمْ هَاجَرُ لَا سَارَّةُ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَصِحَّ أَنَّ أُمَّهُمْ سَارَّةُ.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ.

قَوْلُهُ (مُعْتَمِرٌ) هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ عَنْ جَابِرٍ مُطَوَّلًا فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ مَعَ شَرْحِهِ.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ.

قَوْلُهُ (بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ) هَذَا يُعَيِّنُ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ أَوْ أَتَيْتُ الْجَنَّةَ وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْيَقَظَةِ أَوْ فِي النَّوْمِ فَبَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي النَّوْمِ.

قَوْلُهُ (فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ) تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنِ الْخَطَّابِيِّ فِي زَعْمِهِ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ تَصْحِيفٌ وَأَنَّ الْقُرْطُبِيَّ عَزَا هَذَا الْكَلَامَ لِابْنِ قُتَيْبَةَ، وَهُوَ كَذَلِكَ أَوْرَدَهُ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَلَقَّاهُ عَنْهُ الْخَطَّابِيُّ فَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، وَارْتَضَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ فَقَالَ: يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الصَّوَابَ. وَتَتَوَضَّأُ تَصْحِيفٌ؛ لِأَنَّ الْحُورَ طَاهِرَاتٌ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِنَّ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَا تَلْزَمُهُ طَهَارَةٌ، وَقَدْ قَدَّمْتُ الْبَحْثَ مَعَ الْخَطَّابِيِّ فِي هَذَا فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ الدَّاوُدِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْحُورَ فِي الْجَنَّةِ يَتَوَضَّأْنَ وَيُصَلِّينَ قُلْتُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْجَنَّةِ لَا تَكْلِيفَ فِيهَا بِالْعِبَادَةِ أَنْ لَا يَصْدُرَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ بِاخْتِيَارِهِ مَا شَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ مِنْ صَاحِبِهِ خُلُقًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لِمَا يُنَافِرُهُ اهـ. وَفِيهِ أَنَّ مَنْ نُسِبَ إِلَى مَنِ اتَّصَفَ بِصِفَةِ صَلَاحٍ مَا يُغَايِرُ ذَلِكَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ. وَفِيهِ أَنَّ الْجَنَّةَ مَوْجُودَةٌ وَكَذَلِكَ الْحُورُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَسَائِرُ فَوَائِدِهِ تَقَدَّمَتْ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ.

١٠٨ - بَاب غَيْرَةِ النِّسَاءِ وَوَجْدِهِنَّ

٥٢٢٨ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ.

[الحديث ٥٢٢٨ - طرفه في: ٦٠٧٨]