للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَكَانَتْ بَالِغَةً، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحِجَابِ، وَحُجَّةُ مَنْ مَنَعَ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورَ: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا، وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْهَا وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَأَكْثَرُ مَا عُلِّلَ بِهِ انْفِرَادُ الزُّهْرِيِّ بِالرِّوَايَةِ عَنْ نَبْهَانَ وَلَيْسَتْ بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ، فَإِنَّ مَنْ يَعْرِفُهُ الزُّهْرِيُّ وَيَصِفُهُ بِأَنَّهُ مُكَاتَبُ أُمِّ سَلَمَةَ وَلَمْ يُجَرِّحْهُ أَحَدٌ لَا تُرَدُّ رِوَايَتُهُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ احْتِمَالُ تَقَدُّمِ الْوَاقِعَةِ أَوْ أَنْ يَكُونَ فِي قِصَّةِ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ نَبْهَانُ شَيْءٌ يَمْنَعُ النِّسَاءَ مِنْ رُؤْيَتِهِ لِكَوْنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ أَعْمَى فَلَعَلَّهُ كَانَ مِنْهُ شَيْءٌ يَنْكَشِفُ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ، وَيُقَوِّي الْجَوَازَ اسْتِمْرَارُ الْعَمَلِ عَلَى جَوَازِ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَالْأَسْفَارِ مُنْتَقِبَاتٍ لِئَلَّا

يَرَاهُنَّ الرِّجَالُ، وَلَمْ يُؤْمَرِ الرِّجَالُ قَطُّ بِالِانْتِقَابِ لِئَلَّا يَرَاهُمُ النِّسَاءُ، فَدَلَّ عَلَى تَغَايُرِ الْحُكْمِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ، وَبِهَذَا احْتَجَّ الْغَزَالِيُّ عَلَى الْجَوَازِ، فَقَالَ: لَسْنَا نَقُولُ إِنَّ وَجْهَ الرَّجُلِ فِي حَقِّهَا عَوْرَةٌ كَوَجْهِ الْمَرْأَةِ فِي حَقِّهِ بَلْ هُوَ كَوَجْهِ الْأَمْرَدِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فَلَا، إِذْ لَمْ تَزَلِ الرِّجَالُ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ مَكْشُوفِي الْوُجُوهِ وَالنِّسَاءُ يَخْرُجْنَ مُنْتَقِبَاتٍ، فَلَوِ اسْتَوَوْا لَأُمِرَ الرِّجَالُ بِالتَّنَقُّبِ أَوْ مُنِعْنَ مِنَ الْخُرُوجِ اهـ. وَتَقَدَّمَتْ سَائِرُ مَبَاحِثِ حَدِيثِ الْبَابِ فِي أَبْوَابِ الْعِيدَيْنِ.

١١٥ - بَاب خُرُوجِ النِّسَاءِ لِحَوَائِجِهِنَّ

٥٢٣٧ - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلًا فَرَآهَا عُمَرُ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: إِنَّكِ وَاللَّهِ يَا سَوْدَةُ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ فِي حُجْرَتِي يَتَعَشَّى، وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَعَرْقًا، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ فَرُفِعَ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ.

قَوْلُهُ (بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ لِحَوَائِجِهِنَّ) قَالَ الدَّاوُدِيُّ: فِي صِيغَةِ هَذَا الْجَمْعِ نَظَرٌ لِأَنَّ جَمْعَ الْحَاجَةِ حَاجَاتٌ وَجَمْعُ الْجَمْعِ حَاجٌّ وَلَا يُقَالُ حَوَائِجُ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ فَأَجَادَ وَقَالَ: الْحَوَائِجُ جَمْعُ حَاجَةٍ أَيْضًا، وَدَعْوَى أَنَّ حَاجٌّ جَمْعُ الْجَمْعِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ.

وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ لِحَاجَتِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ وَتَوْجِيهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِهَا الْآخَرِ فِي نُزُولِ الْحِجَابِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ، وَذَكَرْتُ هُنَاكَ التَّعَقُّبَ عَلَى عِيَاضٍ فِي زَعْمِهِ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ إِبْرَازُ أَشْخَاصِهِنَّ وَلَوْ كُنَّ مُنْتَقِبَاتٍ مُتَلَفِّفَاتٍ، وَالْحَاصِلُ فِي رَدِّ قَوْلِهِ كَثْرَةُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ أَنَّهُنَّ كُنَّ يَحْجُجْنَ وَيَطُفْنَ وَيَخْرُجْنَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ وَبَعْدَهُ.

١١٦ - بَاب اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ

٥٢٣٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيِّ إِذَا اسْتَأْذَنَتْ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا.

قَوْلُهُ (بَابُ اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: تَرْجَمَ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ فِي الْبَابُ عَلَى حَدِيثِ الْمَسْجِدِ، وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَيْهِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ، وَيُشْتَرَطُ