للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِظْهَارِ السِّرِّ فِي ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُنَاجِي. وَفِيهِ جَوَازُ الْمُسَاوَمَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهَا وَلَوْ لِلرَّقِيقِ، وَاسْتِخْدَامُ الرَّقِيقِ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَوَالِيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنُوا فِي ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ. وَفِيهِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْمَرْأَةِ الْمُعْتِقَةِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ الْوَلَاءِ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْمَرْأَةِ بِالْإِرْثِ بِخِلَافِ النَّسَبِ.

وَفِيهِ أَنَّ الْكَافِرَ يَرِثُ وَلَاءَ عَتِيقِهِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ قَرِيبَهُ الْمُسْلِمَ، وَأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ فِي الْعِتْقِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعْطَى الْمَالِكُ لَا مَنْ بَاشَرَ الْإِعْطَاءَ مُطْلَقًا فَلَا يَدْخُلُ الْوَكِيلَ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ وَفِيهِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ إِذَا عَتَقَتْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَنَّ خِيَارَهَا يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ إِنَّهَا عَتَقَتْ فَدَعَاهَا فَخَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ:

أَحَدُهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَعَنْهُ يَمْتَدُّ خِيَارُهَا ثَلَاثًا، وَقِيلَ: بِقِيَامِهَا مِنْ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ، وَقِيلَ: مِنْ مَجْلِسِهَا، وَهُمَا عَنْ أَهْلِ الرَّأْيِ، وَقِيلَ: يَمْتَدُّ أَبَدًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ وَأَحَدِ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا سَقَطَ خِيَارُهَا، وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِهِ بِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِأَسَانِيدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ أُعْتِقَتْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ إِنْ قَرُبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ وَرَوَى مَالِكٌ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا أَفْتَتْ بِذَلِكَ، وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ بِهِ جَمْعٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمُ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ عِلْمِهَا بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَا فَرْقَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ: إِنْ وَطِئَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا وَجَدَتْ بِزَوْجِهَا عَيْبًا ثُمَّ مَكَّنَتْهُ مِنَ الْوَطْءِ بَطَلَ خِيَارُهَا.

وَفِيهِ أَنَّ الْخِيَارَ فَسْخٌ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فِيهِ رَجْعَةٌ، وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ لَهُ الرَّجْعَةُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ لَوْ رَاجَعْتِهِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لَهَا اخْتِيَارٌ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الْمُرَاجَعَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَالْمُرَادُ رُجُوعُهَا إِلَى عِصْمَتِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا﴾ مَعَ أَنَّهَا فِي الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا. وَفِيهِ إِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ اسْتِحَالَةَ أَنْ يُحِبَّ أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ الْآخَرَ وَالْآخَرُ يُبْغِضُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا؟ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ الْأَغْلَبُ، وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ التَّعَجُّبُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ، وَجَوَّزَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ كَثْرَةِ اسْتِمَالَةِ مُغِيثٍ لَهَا بِأَنْوَاعٍ مِنَ الِاسْتِمَالَاتِ كَإِظْهَارِهِ حُبَّهَا وَتَرَدُّدِهِ خَلْفَهَا وَبُكَائِهِ عَلَيْهَا مَعَ مَا يَنْضَمُّ إِلَى ذَلِكَ مِنِ اسْتِمَالَتِهِ لَهَا بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ وَالْوَعْدِ الْجَمِيلِ، وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ يَمِيلَ الْقَلْبُ وَلَوْ كَانَ نَافِرًا فَلَمَّا خَالَفَتِ الْعَادَةَ وَقَعَ التَّعَجُّبُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ. وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا خُيِّرَ بَيْنَ مُبَاحَيْنِ فَآثَرَ مَا يَنْفَعُهُ لَمْ يُلَمْ وَلَوْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِرَفِيقِهِ. وَفِيهِ اعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ فِي الْحُرِّيَّةِ.

وَفِيهِ سُقُوطُ الْكَفَاءَةِ بِرِضَا الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا، وَأَنَّ مَنْ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ وَقَعَ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَأَنَّهَا لَوِ اخْتَارَتِ الْبَقَاءَ مَعَهُ لَمْ يَنْقُصْ عَدَدُ الطَّلَاقِ. وَكَثُرَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ هُنَا فِي سَرْدِ تَفَارِيعِ التَّخْيِيرِ.

وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فَقَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي بِهِ، تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُ الْفِرَاقِ، كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا الْفِرَاقَ وَلَمْ يَقَعْ إِلَّا بِهَذَا الْكَلَامِ وَفِيهِ مِنَ النَّظَرِ مَا تَقَدَّمَ. وَفِيهِ جَوَازُ دُخُولِ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ بَيْتَ الرَّجُلِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ أَمْ لَا. وَفِيهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا يَلْحَقُهَا فِي الْعِتْقِ وَلَدُهَا وَلَا زَوْجُهَا. وَفِيهِ تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى النَّبِيِّ