للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ الْقَاسِمِ هَذِهِ مُوَافَقَةٌ لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ.

قَوْلُهُ: (لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ) تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ نُكُولَ الْمَرْأَةِ عَنِ اللِّعَانِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا الْحَدَّ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْحُدُودَ لَا تَثْبُتُ بِالنُّكُولِ، وَبِأَنَّ قَوْلَهُ ﷺ: لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا، لَمْ يَقَعُ بِسَبَبِ اللِّعَانِ فَقَطْ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا امْتَنَعَتْ تُحْبَسُ، وَأَهَابُ أَنْ أَقُولَ: تُرْجَمُ، لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ صَرِيحًا ثُمَّ رَجَعَتْ لَمْ تُرْجَمْ فَكَيْفَ تُرْجَمُ إِذَا أَبَتْ الِالْتِعَانَ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ) يَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ قَوْلِ الْإِمَامِ اللَّهُمَّ بَيِّنْ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو صَالِحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: آدَمَ خَدْلًا) يَعْنِي بِسُكُونِ الدَّالِ، وَيُقَالُ بِفَتْحِهَا مُخَفَّفًا فِي الْوَجْهَيْنِ وَبِالسُّكُونِ ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ. وَأَبُو صَالِحٍ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَقَالَ لَنَا أَبُو صَالِحٍ وَرِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الْحُدُودِ.

٣٢ - بَاب صَدَاقِ الْمُلَاعَنَةِ

٥٣١١ - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: فَرَّقَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ، وَقَالَ: اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا لكَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ فَأَبَيَا، وَقَالَ: اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ فَأَبَيَا، فَقَالَ: اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا لكَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ فَأَبَيَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، قَالَ أَيُّوبُ: فَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: إِنَّ فِي الْحَدِيثِ شَيْئًا لَا أَرَاكَ تُحَدِّثُهُ، قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ مَالِي، قَالَ: قِيلَ: لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْتَ بِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْكَ.

[الحديث ٥٣١١، أطرافه في: ٥٣١٢، ٥٣٤٩، ٥٣٥٠]

قَوْلُهُ: (بَابُ صَدَاقِ الْمُلَاعَنَةِ) أَيْ بَيَانُ الْحُكْمِ فِيهِ، وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَهُ، وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ لَهَا النِّصْفَ كَغَيْرِهَا مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقِيلَ: بَلْ لَهَا جَمِيعُهُ قَالَهُ أَبُو الزِّنَادِ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ، وَقِيلَ: لَا شَيْءَ لَهَا أَصْلًا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ) أَيْ مَا الْحُكْمُ فِيهِ؟ وَقَدْ أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَزَادَ فِي أَوَّلِهِ قَالَ: لَمْ يُفَرِّقِ الْمُصْعَبُ - يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ - بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، أَيْ حَيْثُ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْعِرَاقِ، قَالَ سَعْدٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ. وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدٍ سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فِي امْرَأَةِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ، فَمَضَيْتُ إِلَى مَنْزِلِ ابْنِ عُمَرَ بِمَكَّةَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْمُتَلَاعِنَانِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، نَعَمْ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، وَعُرِفَ مِنْ قَوْلِهِ بِمَكَّةَ أَنَّ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا حَذْفًا تَقْدِيرُهُ فَسَافَرْتُ إِلَى مَكَّةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كُنَّا بِالْكُوفَةِ نَخْتَلِفُ فِي الْمُلَاعَنَةِ، يَقُولُ بَعْضُنَا: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيَقُولُ بَعْضُنَا: لَا يُفَرَّقُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ كَانَ قَدِيمًا، وَقَدِ اسْتَمَرَّ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ مِنْ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَقْتَضِي الْفُرْقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلَهُ عَنْهُ. وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَديثُ ابْنِ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ) سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ بَابٍ، وَتَقَدَّمَتْ تَسْمِيَتُهُمَا فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أَحْمَدِ الْجُرْجَانِيِّ