للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِيهِ ذِكْرُ الطَّعَامِ ذُهُولٌ شَدِيدٌ، فَإِنَّ لَفْظَ الْمَتْنِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ اهـ. وَتَعَقَّبَهُ صَاحِبُهُ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ بْنُ الْمُلَقِّنِ بِأَنَّهُ لَا ذُهُولَ، فَإِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ بَطَّالٍ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ أَفْضَلِ الطَّعَامِ وَلَا أَدْنَاهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ فَلَمْ يَذْهَلْ.

٣١ - بَاب الْأُدْمِ

٥٤٣٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ: أَرَادَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَشْتَرِيَهَا فَتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا: وَلَنَا الْوَلَاءُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ Object فَقَالَ: لَوْ شِئْتِ شَرَطْتِيهِ لَهُمْ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، قَالَ: وَأُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي أَنْ تَقِرَّ تَحْتَ زَوْجِهَا أَوْ تُفَارِقَهُ. وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ Object يَوْمًا بَيْتَ عَائِشَةَ وَعَلَى النَّارِ بُرْمَةٌ تَفُورُ، فَدَعَا بِالْغَدَاءِ، فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: أَلَمْ أَرَ لَحْمًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَأَهْدَتْهُ لَنَا، فَقَالَ: هُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا وَهَدِيَّةٌ لَنَا.

قَوْلُهُ (بَابُ الْأُدُمِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ إِسْكَانُهَا، جَمْعُ إِدَامٍ، وَقِيلَ هُوَ بِالْإِسْكَانِ الْمُفْرَدُ وَبِالضَّمِّ الْجَمْعُ. ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ، وَفِيهِ فَأُتِيَ بِأُدْمٍ مِنْ أُدُمِ الْبَيْتِ وَفِيهِ ذِكْرُ اللَّحْمِ الَّذِي تُصَدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْكَلَامِ عَلَى قِصَّةِ بَرِيرَةَ فِي الطَّلَاقِ. وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الطَّبَرِيِّ قَالَ: دَلَّتِ الْقِصَّةُ عَلَى إِيثَارِهِ Object اللَّحْمَ إِذَا وُجِدَ إِلَيْهِ السَّبِيلُ.

ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ بَرِيرَةَ رَفَعَهُ: سَيِّدُ الْإِدَامِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ. وَأَمَّا مَا وَرَدَ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ مِنْ إِيثَارِ أَكْلِ غَيْرِ اللَّحْمِ عَلَى اللَّحْمِ فَإِمَّا لِقَمْعِ النَّفْسِ عَنْ تَعَاطِي الشَّهَوَاتِ وَالْإِدْمَانِ عَلَيْهَا، وَإِمَّا لِكَرَاهَةِ الْإِسْرَافِ وَالْإِسْرَاعِ فِي تَبْذِيرِ الْمَالِ لِقِلَّةِ الشَّيْءِ عِنْدَهُمْ إِذْ ذَاكَ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ جَابِرٍ لَمَّا أَضَافَ النَّبِيُّ Object وَذَبَحَ لَهُ الشَّاةَ، فَلَمَّا قَدَّمَهَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ: كَأَنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ حُبَّنَا لِلَّحْمِ. وَكَانَ ذَلِكَ لِقِلَّةِ الشَّيْءِ عِنْدَهُمْ فَكَانَ حُبُّهُمْ لَهُ لِذَلِكَ اهـ مُلَخَّصًا. وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مُطَوَّلًا مِنْ طَرِيقِ نُبَيْحٍ الْعَنْزِيِّ عَنْهُ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ بِدُونِ الزِّيَادَةِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْأُدْمِ: فَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ مَا يُؤْكَلُ بِهِ الْخُبْزُ بِمَا يُطَيِّبُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَرَقًا أَمْ لَا، وَاشْتَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ الِاصْطِنَاعَ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَقَالَ أَهْلُهَا وَلَنَا الْوَلَاءُ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ نَبِيعُهَا وَلَنَا الْوَلَاءُ، وَفِيهِ فَقَالَ لَوْ شِئْتِ شُرُطَتِيهِ بِإِثْبَاتِ التَّحْتَانِيَّةِ وَهِيَ نَاشِئَةٌ عَنْ إِشْبَاعِ حَرَكَةِ الْمُثَنَّاةِ، وَفِيهِ وَأُعْتِقَتْ، فَخُيِّرَتْ بَيْنَ أَنْ تَقَرَّ تَحْتَ زَوْجِهَا أَوْ تُفَارِقَهُ قَالَ ابْنُ التِّينِ: يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ مِنْ وَقَرَ فَتَكُونُ الرَّاءُ مُخَفَّفَةً يَعْنِي وَالْقَافُ مَكْسُورَةً، يُقَالُ وَقَرْتُ أَقَرُ إِذَا جَلَسْتُ مُسْتَقِرًّا وَالْمَحْذُوفُ فَاءُ الْفِعْلِ، قَالَ: وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْقَافُ مَفْتُوحَةً - يَعْنِي مَعَ تَشْدِيدِ الرَّاءِ - مِنْ قَوْلِهِمْ قَرَرْتُ بِالْمَكَانِ أَقَرُّ، يُقَالُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَيَجُوزُ بِكَسْرِهَا مِنْ قُرَيْقِرٍ اهـ مُلَخَّصًا، وَالثَّالِثُ هُوَ الْمَحْفُوظُ فِي الرِّوَايَةِ.

تَنْبِيهٌ:

أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ هُنَا مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَسْنَدَهُ عَنْ عَائِشَةَ وَتَعَقَّبَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي صَحَّحَهُ مُرْسَلٌ. وَهُوَ كَمَا قَالَ مِنْ ظَاهِرِ سِيَاقِهِ، لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ اعْتَمَدَ عَلَى إِيرَادِهِ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، ولَكِنَّهُ