للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كِتَابٍ) يَعْنِي بِالشَّامِ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ قَدْ سَكَنُوا الشَّامَ وَتَنَصَّرُوا مِنْهُمْ آلُ غَسَّانَ وَتَنُوخُ وَبَهْزٌ وَبُطُونٌ مِنْ قُضَاعَةَ مِنْهُمْ بَنُو خُشَيْنٍ آلُ أَبِي ثَعْلَبَةَ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي ثَعْلَبَةَ، فَقِيلَ جُرْثُومٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ جُرْهُمٌ، وَقِيلَ نَاشِبٌ، وَقِيلَ جَرْثَمٌ وَهُوَ كَالْأَوَّلِ لَكِنْ بِغَيْرِ إِشْبَاعٍ، وَقِيلَ جُرْثُومَةُ وَهُوَ كَالْأَوَّلِ لَكِنْ بِزِيَادَةِ هَاءٍ، وَقِيلَ غُرْنُوقٌ، وَقِيلَ نَاشِرٌ، وَقِيلَ لَاشِرٌ، وَقِيلَ لَاشٌ، وَقِيلَ لَاشِنٌ، وَقِيلَ لَا شُومَهْ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِيهِ، فَقِيلَ عَمْرٌو، وَقِيلَ نَاشِبٌ، وَقِيلَ نَاسِبٌ بِمُهْمَلَةٍ، وَقِيلَ بِمُعْجَمَةٍ، وَقِيلَ نَاشِرٌ، وَقِيلَ لَاشِرٌ، وَقِيلَ لَاشٌ، وَقِيلَ لَاشِنٌ، وَقِيلَ لَاشِمٌ، وَقِيلَ لَاسِمٌ، وَقِيلَ جُلْهُمٌ، وَقِيلَ حِمْيَرٌ، وَقِيلَ جُرْهُمٌ، وَقِيلَ جُرْثُومٌ. وَيَجْتَمِعُ مِنِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ بِالتَّرْكِيبِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَكَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ خَيْبَرَ وَشَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ وَتَوَجَّهَ إِلَى قَوْمِهِ فَأَسْلَمُوا، وَلَهُ أَخٌ يُقَالُ لَهُ عَمْرٌو أَسْلَمَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ (فِي آنِيَتِهِمْ) جَمْعُ إِنَاءٍ وَالْأَوَانِي جَمْعُ آنِيَةٍ، وَقَدْ وَقَعَ الْجَوَابُ عَنْهُ فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا فَتَمْسَّكَ بِهَذَا الْأَمْرِ مَنْ رَأَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ آنِيَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْغَسْلِ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمُ النَّجَاسَةَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَدَيَّنُ بِمُلَابَسَتِهَا، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنَ الْغَالِبِ رَاجِحٌ عَلَى الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنَ الْأَصْلِ، وَأَجَابَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَصْلِ حَتَّى تَتَحَقَّقَ النَّجَاسَةُ بِجَوَابَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ احْتِيَاطًا جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا دَلَّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْأَصْلِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ حَالُ مَنْ يَتَحَقَّقُ النَّجَاسَةُ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُهُ ذِكْرُ الْمَجُوسِ لِأَنَّ أَوَانِيَهُمْ نَجِسَةٌ لِكَوْنِهِمْ لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُرَادُ بِالْآنِيَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ آنِيَةُ مَنْ يَطْبُخُ فِيهَا لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَيَشْرَبُ فِيهَا الْخَمْرَ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ فَقَالَ فَذَكَرَ الْجَوَابَ.

وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَمُرَادُهُمْ مُطْلَقُ آنِيَّةِ الْكُفَّارِ الَّتِي لَيْسَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا وَلَوْ لَمْ تُغْسَلْ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الْغَسْلَ لِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ لَا لِثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ فِي ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْمَالُهَا بِلَا غَسْلٍ مَكْرُوهًا بِنَاءً عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْحَدِيثِ، وَأَنَّ اسْتِعْمَالَهَا مَعَ الْغَسْلِ رُخْصَةٌ إِذَا وَجَدَ غَيْرَهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ لِلنَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ فِيهَا مُطْلَقًا وَتَعْلِيقُ الْإِذْنِ عَلَى عَدَمِ غَيْرِهَا مَعَ غَسْلِهَا، وَتَمَسَّكَ بِهَذَا بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لِقَوْلِهِمْ: إِنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَسْرُ آنِيَّةِ الْخَمْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَاسْتَدَلَّ بِالتَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْغَسْلَ لَوْ كَانَ مُطَهِّرًا لَهَا لَمَا كَانَ لِلتَّفْصِيلِ مَعْنًى، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي كَوْنِ الْعَيْنِ تَصِيرُ نَجِسَةً بِحَيْثُ لَا تَطْهُرُ أَصْلًا بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّفْصِيلُ لِلْأَخْذِ بِالْأَوْلَى، فَإِنَّ الْإِنَاءَ الَّذِي يُطْبَخُ فِيهِ الْخِنْزِيرُ يُسْتَقْذَرُ وَلَوْ غُسِلَ كَمَا يُكْرَهُ الشُّرْبُ فِي الْمِحْجَمَةِ وَلَوْ غُسِلَتِ اسْتِقْذَارًا، وَمَشَى ابْنُ حَزْمٍ عَلَى طاهِرِيَّتِهِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ آنِيَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهَا، وَالثَّانِي: غَسْلُهَا.

وَأُجِيبَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَمْرَهُ بِالْغَسْلِ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهَا دَالٌّ عَلَى طَهَارَتِهَا بِالْغَسْلِ، وَالْأَمْرُ بِاجْتِنَابِهَا عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهَا كَمَا فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ الْآتِي بَعْدُ فِي الْأَمْرِ بِكَسْرِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَتْ فِيهَا الْمَيْتَةُ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَوْ نَغْسِلُهَا؟ فَقَالَ: أَوْ ذَاكَ. فَأَمَرَ بِالْكَسْرِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهَا ثُمَّ أَذِنَ فِي الْغَسْلِ تَرْخِيصًا، فَكَذَلِكَ يُتَّجَهُ هَذَا هُنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ (وَبِأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي) فَقَالَ فِي جَوَابِهِ وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَوْجَبَ التَّسْمِيَةَ عَلَى الصَّيْدِ وَعَلَى الذَّبِيحَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَكَذَا تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ السُّؤَالِ الثَّالِثِ وَهُوَ الصَّيْدُ بِالْكَلْبِ، وَقَوْلُهُ فَكُلْ وَقَعَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ