للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَى مَأْلُوفِ الْمُصَنِّفِ، وَيُعَضِّدُهُ إِيرَادُهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَالْعَشِيرُ الزَّوْجُ، قِيلَ لَهُ عَشِيرٌ بِمَعْنَى مُعَاشِرٍ مِثْلُ أَكِيلٍ بِمَعْنَى مُؤَاكِلٍ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي ب ابِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ تَامًّا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ ثَمَّ.

وَنُنَبِّهُ هُنَا عَلَى فَائِدَتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ الْبُخَارِيَّ يَذْهَبُ إِلَى جَوَازِ تَقْطِيعِ الْحَدِيثِ، إِذَا كَانَ مَا يَفْصِلُهُ مِنْهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا قَبْلَهُ وَلَا بِمَا بَعْدَهُ تَعَلُّقًا يُفْضِي إِلَى فَسَادِ الْمَعْنَى، فَصَنِيعُهُ كَذَلِكَ يُوهِمُ مَنْ لَا يَحْفَظُ الْحَدِيثَ أَنَّ الْمُخْتَصَرَ غَيْرُ التَّامِّ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ ابْتِدَاءُ الْمُخْتَصَرِ مِنْ أَثْنَاءِ التَّامِّ كَمَا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ أَوَّلَهُ هُنَا قَوْلُهُ Object أُرِيتُ النَّارَ إِلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ مِنْهُ، وَأَوَّلُ التَّامِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ Object فَذَكَرَ قِصَّةَ صَلَاةِ الْخُسُوفِ ثُمَّ خُطْبَةَ النَّبِيِّ Object وَفِيهَا الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ هُنَا، فَمَنْ أَرَادَ عَدَّ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْكِتَابُ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حَدِيثَانِ أَوْ أَكْثَرُ لِاخْتِلَافِ الِابْتِدَاءِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ مَنْ حَكَى أَنَّ عِدَّتَهُ بِغَيْرِ تَكْرَارٍ أَرْبَعَةُ آلَافٍ أَوْ نَحْوُهَا كَابْنِ الصَّلَاحِ وَالشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ عِدَّتُهُ عَلَى التَّحْرِيرِ أَلْفَا حَدِيثٍ وَخَمْسُمِائَةِ حَدِيثٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا كَمَا بَيَّنْتُ ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي الْمُقَدِّمَةِ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: تَقَرَّرَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَا يُعِيدُ الْحَدِيثَ إِلَّا لِفَائِدَةٍ، لَكِنْ تَارَةً تَكُونُ فِي الْمَتْنِ، وَتَارَةً فِي الْإِسْنَادِ، وَتَارَةً فِيهِمَا. وَحَيْثُ تَكُونُ فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً لَا يُعِيدُهُ بِصُورَتِهِ بَلْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ، فَإِنْ كَثُرَتْ طُرُقُهُ أَوْرَدَ لِكُلِّ بَابٍ طَرِيقًا، وَإِنْ قَلَّتِ اخْتَصَرَ الْمَتْنَ أَوِ الْإِسْنَادَ.

وَقَدْ صَنَعَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ أَوْرَدَهُ هُنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ - وَهُوَ الْقَعْنَبِيُّ - مُخْتَصَرًا مُقْتَصَرًا عَلَى مَقْصُودِ التَّرْجَمَةِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْكُفْرَ يُطْلَقُ عَلَى بَعْضِ الْمَعَاصِي، ثُمَّ أَوْرَدَهُ فِي الصَّلَاةِ فِي بَابِ مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ نَارٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِعَيْنِهِ، لَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُغَايِرِ اقْتَصَرَ عَلَى مَقْصُودِ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ فَقَطْ، ثُمَّ أَوْرَدَهُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَسَاقَهُ تَامًّا، ثُمَّ أَوْرَدَهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ فِي ذِكْرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ عَنْ شَيْخٍ غَيْرِ الْقَعْنَبِيِّ مُقْتَصَرًا عَلَى مَوْضِعِ الْحَاجَةِ، ثُمَّ أَوْرَدَهُ فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ عَنْ شَيْخٍ غَيْرِهِمَا عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا. وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ يُحْمَلُ جَمِيعُ تَصَرُّفِهِ، فَلَا يُوجَدُ فِي كِتَابِهِ حَدِيثٌ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَوْضِعَيْنِ فَصَاعِدًا إِلَّا نَادِرًا وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ حَيْثُ ذَكَرَهُ تَامًّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٢٢ - بَاب الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا يُكَفَّرُ صَاحِبُهَا بِارْتِكَابِهَا إِلَّا بِالشِّرْكِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ Object: إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾

٣٠ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ الْمَعْرُورِ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ Object: يَا أَبَا ذَرٍّ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟! إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ

[الحديث ٣٠ - طرفاه في: ٦٠٥٠، ٢٥٤٥]

بَاب ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ فَسَمَّاهُمْ الْمُؤْمِنِينَ

٣١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ الْأَحْنَفِ