للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ.

قَوْلُهُ (بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ وَمَنْ تَرَكَ مُتَعَمِّدًا) كَذَا لِلْجَمِيعِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ هُنَا كِتَابُ الذَّبَائِحِ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ تَرْجَمَ أَوَّلًا كِتَابَ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ أَوْ كِتَابَ الذَّبَائِحِ وَالصَّيْدِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَكْرَارٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مُتَعَمِّدًا إِلَى تَرْجِيحِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُتَعَمِّدِ لِتَرْكِ التَّسْمِيَةِ فَلَا تَحِلُّ تَذْكِيَتُهُ وَمَنْ نَسِيَ فَتَحِلُّ، لِأَنَّهُ اسْتَظْهَرَ لِذَلِكَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِمَا ذَكَرَ بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ ثُمَّ قَالَ: وَالنَّاسِي لَا يُسَمَّى فَاسِقًا يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ: ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ فَاسْتَنْبَطَ مِنْهَا أَنَّ الْوَصْفَ لِلْعَامِدِ فَيَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهِ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ النَّاسِي وَالْعَامِدِ فِي الذَّبِيحَةِ قَوْلُ أَحْمَدَ وَطَائِفَةٍ وَقَوَّاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ الْإِيجَابُ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ الْأَخْبَارُ، وَأَنَّ الْأَخْبَارَ الدَّالَّةَ عَلَى الرُّخْصَةِ تَحْتَمِلُ التَّعْمِيمَ وَتَحْتَمِلُ الِاخْتِصَاصَ بِالنَّاسِي فَكَانَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ أَوْلَى لِتَجْرِيَ الْأَدِلَّةُ كُلُّهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَيُعْذَرُ النَّاسِي دُونَ الْعَامِدِ.

قَوْلُهُ (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ نَسِيَ فَلَا بَأْسَ) وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي الْمُسْلِمِ يَذْبَحُ وَيَنْسَى التَّسْمِيَةَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَبِهِ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ حَدَّثَنِي ع عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا، وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ فِي سَنَدِهِ عَنْ ع يَعْنِي عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ ذَبَحَ وَنَسِيَ التَّسْمِيَةَ فَقَالَ: الْمُسْلِمُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ التَّسْمِيَةَ، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَهُوَ مَوْقُوفٌ. وَذَكَرَهُ مَالِكٌ بَلَاغًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا.

وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾ فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى الزَّجْرِ عَنْ الِاحْتِجَاجِ لِجَوَازِ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ وَحَمْلِهَا عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهَا لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ لِيَصُدَّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَأَنَّهُ لَمَّحَ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ فَلَا تَأْكُلُوهُ وَمَا لَمْ يُذْكَرْ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ فَكُلُوهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتِ الْيَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ Object فَقَالُوا: تَأْكُلُ مِمَّا قَتَلْنَا وَلَا تَأْكُلُ مِمَّا قَتَلَهُ اللَّهُ؟ فَنَزَلَتْ: ﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ وَسَاقَ إِلَى قَوْلِهِ: لَمُشْرِكُونَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ فِيمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ قَالَ: جَادَلَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فِي الذَّبِيحَةِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَا قَوْلُهُ ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾؟ قَالَ: يَأْمُرُكُمْ بِذِكْرِ اسْمِهِ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالذَّبْحِ، قُلْتُ: فَمَا قَوْلُهُ: ﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ قَالَ: يَنْهَى عَنْ ذَبَائِحَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى الْأَوْثَانِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: مَنْ قَالَ إِنَّ مَا ذَبَحَهُ الْمُسْلِمُ فَنَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ فَهُوَ قَوْلٌ بَعِيدٌ مِنَ الصَّوَابِ لِشُذُوذِهِ وَخُرُوجِهِ عَمَّا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ. قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّ أَكْلَ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنَ الْمَيْتَةِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فِسْقٌ، وَلَمْ يَحْكِ الطَّبَرِيُّ عَنْ أَحَدٍ خِلَافَ ذَلِكَ.

وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَوْنَ قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ مَنْسُوقًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى طَلَبِيَّةٌ وَهَذِهِ خَبَرِيَّةٌ وَهَذَا غَيْرُ سَائِغٍ، وَرُدَّ هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّ سِيبَوَيْهِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ يُجِيزُونَ ذَلِكَ، وَلَهُمْ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ، وَادَّعَى الْمَانِعَ أَنَّ الْجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ لَا تَأْكُلُوهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ فِسْقٌ