للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ الْحِجَامَةِ مِنَ الدَّاءِ)، أَيْ: بِسَبَبِ الدَّاءِ. قَالَ الْمُوَفَّقُ الْبَغْدَادِيُّ: الْحِجَامَةُ تُنَقِّي سَطْحَ الْبَدَنِ أَكْثَرَ مِنَ الْفَصْدِ، وَالْفَصْدُ لِأَعْمَاقِ الْبَدَنِ، وَالْحِجَامَةُ لِلصِّبْيَانِ، وَفِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ أَوْلَى مِنَ الْفَصْدِ وَآمَنُ غَائِلَةً، وَقَدْ تُغْنِي عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَدْوِيَةِ، وَلِهَذَا وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِذِكْرِهَا دُونَ الْفَصْدِ، وَلِأَنَّ الْعَرَبَ غَالِبًا مَا كَانَتْ تَعْرِفُ إِلَّا الْحِجَامَةَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْهَدْيِ: التَّحْقِيقُ فِي أَمْرِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْمَزَاجِ، فَالْحِجَامَةُ فِي الْأَزْمَانِ الْحَارَّةِ وَالْأَمْكِنَةِ الْحَارَّةِ وَالْأَبْدَانِ الْحَارَّةِ الَّتِي دَمُ أَصْحَابِهَا فِي غَايَةِ النُّضْجِ أَنْفَعُ، وَالْفَصْدُ بِالْعَكْسِ، وَلِهَذَا كَانَتِ الْحِجَامَةُ أَنْفَعَ لِلصِّبْيَانِ وَلِمَنْ لَا يَقْوَى عَلَى الْفَصْدِ.

قَوْلُهُ: (عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسٍ) فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ أَنَسًا، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ.

قَوْلُهُ (عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ حُمَيْدٍ: كَسْبِ الْحَجَّامِ.

قَوْلُهُ: (حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ ذِكْرُ تَسْمِيَتِهِ وَتَعْيِينُ مَوَالِيهِ، وَكَذَا جِنْسُ مَا أُعْطِيَ مِنَ الْأُجْرَةِ وَأَنَّهُ تَمْرٌ، وَحُكْمُ كَسْبِهِ، فَأَغْنَى عَنِ إِعَادَتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ: إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُفْرَدًا مِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ: خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ، وَمِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ بِلَفْظِ: أَفْضَلُ، قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ: الْخِطَابُ بِذَلِكَ لِأَهْلِ الْحِجَازِ وَمَنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ الْحَارَّةِ، لِأَنَّ دِمَاءَهُمْ رَقِيقَةٌ وَتَمِيلُ إِلَى ظَاهِرِ الْأَبْدَانِ لِجَذْبِ الْحَرَارَةِ الْخَارِجَةِ لَهَا إِلَى سَطْحِ الْبَدَنِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخِطَابَ أَيْضًا لِغَيْرِ الشُّيُوخِ لِقِلَّةِ الْحَرَارَةِ فِي أَبْدَانِهِمْ. وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: إِذَا بَلَغَ الرَّجُلُ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يَحْتَجِمْ. قَالَ الطَّبَرِيُّ. وَذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ حِينَئِذٍ فِي انْتِقَاصٍ مِنْ عُمُرِهِ وَانْحِلَالٍ مِنْ قُوَى جَسَدِهِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَهُ وَهْيًا بِإِخْرَاجِ الدَّمِ، اهـ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ حَاجَتُهُ إِلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ سِينَا فِي أُرْجُوزَتِهِ:

وَمَنْ يَكُنْ تَعَوَّدَ الْفِصَادَهْ … فَلَا يَكُنْ يَقْطَعُ تِلْكَ الْعَادَهْ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ يُقَلِّلُ ذَلِكَ بِالتَّدْرِيجِ إِلَى أَنْ يَنْقَطِعَ جُمْلَةً فِي عَشْرِ الثَّمَانِينَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ: لَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ الْعُذْرَةِ ; وَعَلَيْكُمْ بِالْقُسْطِ) هُوَ مَوْصُولٌ أَيْضًا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَى حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. وَقَدْ أَوْرَدَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ حُمَيْدٍ بِهِ مَضْمُومًا إِلَى حَدِيثِ: خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ، وَقَدِ اشْتَمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحِجَامَةِ وَالتَّرْغِيبِ فِي الْمُدَاوَاةِ بِهَا، وَلَا سِيَّمَا لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهَا، وَعَلَى حُكْمِ كَسْبِ الْحَجَّامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ، وَعَلَى التَّدَاوِي بِالْقُسْطِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْأَعْلَاقِ فِي الْعُذْرَةِ وَالْغَمْزَةِ فِي بَابِ اللَّدُودِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ) بِمُثَنَّاةٍ وَلَامٍ وَزْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ عِيسَى بْنِ تَلِيدٍ نُسِبَ لِجَدِّهِ، وَهُوَ مِصْرِيٌّ، وَثَّقَهُ أَبُو يُونُسَ وَقَالَ: كَانَ فَقِيهًا ثَبْتًا فِي الْحَدِيثِ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِلْقُضَاةِ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو وَغَيْرُهُ) أَمَّا عَمْرٌو فَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَمَا عَرَفْتُهُ ; وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَالطَّحَاوِيُّ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَحْدَهُ، لَمْ يَقُلِ أَحَدٌ فِي الْإِسْنَادِ: وَغَيْرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ) هَكَذَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِوَاحِدٍ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ ذِكْرَ اثْنَيْنِ، وَبُكَيْرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، وَرُبَّمَا نُسِبَ لِجَدِّهِ، مَدَنِيٌّ سَكَنَ مِصْرَ، وَالْإِسْنَادُ إِلَيْهِ مِصْرِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (عَادَ الْمُقَنَّعُ) بِقَافٍ