للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الِاعْتِبَارِ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَاهُ وَأَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: هُوَ وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، وَهُوَ لَكُمْ شَهَادَةٌ.

وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَبَا بَلْجٍ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا جِيمٌ وَاسْمُهُ يَحْيَى وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ بِسَبَبِ التَّشَيُّعِ، وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي قَبُولِ رِوَايَتِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَلِلْحَدِيثِ طَرِيقٌ ثَالِثَةٌ أَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ كُرَيْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا كُرَيْبًا، وَأَبَاهُ وَكُرَيْبٌ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ فِي الطَّاعُونِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ كُرَيْبِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ قَيْسٍ أَخِي أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَفَعَهُ -: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتِي قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَرَادَ ﷺ أَنْ يُحَصِّلَ لِأُمَّتِهِ أَرْفَعَ أَنْوَاعِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَيْدِي أَعْدَائِهِمْ إِمَّا مِنَ الْإِنْسِ وَإِمَّا مِنَ الْجِنِّ. وَلِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ رِوَايَةِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ رِجَالِ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْهَا، وَهَذَا سَنَدٌ ضَعِيفٌ، وَآخَرُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ سَنَدُهُ أَضْعَفُ مِنْهُ، وَالْعُمْدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَّةِ لِتَعَدُّدِ طُرُقِهِ إِلَيْهِ.

وَقَوْلُهُ: وَخْزُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا زَايٌ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: هُوَ الطَّعْنُ إِذَا كَانَ غَيْرَ نَافِذٍ، وَوَصْفُ طَعْنِ الْجِنِّ بِأَنَّهُ وَخْزٌ لِأَنَّهُ يَقَعُ مِنَ الْبَاطِنِ إِلَى الظَّاهِرِ فَيُؤَثِّرُ بِالْبَاطِنِ أَوَّلًا ثُمَّ يُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ وَقَدْ لَا يَنْفُذُ، وَهَذَا بِخِلَافِ طَعْنِ الْإِنْسِ فَإِنَّهُ يَقَعُ مِنَ الظَّاهِرِ إِلَى الْبَاطِنِ فَيُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ أَوَّلًا ثُمَّ يُؤَثِّرُ فِي الْبَاطِنِ، وَقَدْ لَا يَنْفُذُ.

(تَنْبِيهٌ):

يَقَعُ فِي الْأَلْسِنَةِ وَهُوَ فِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ تَبَعًا لِغَرِيبَيِ الْهَرَوِيِّ بِلَفْظِ: وَخْزُ إِخْوَانِكُمْ، وَلَمْ أَرَهُ بِلَفْظِ: إِخْوَانِكُمْ بَعْدَ التَّتَبُّعِ الطَّوِيلِ الْبَالِغِ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْمُسْنَدُة لَا فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ وَلَا الْأَجْزَاءِ الْمَنْثُورَةِ، وَقَدْ عَزَاهُ بَعْضُهُمْ لِمُسْنَدِ أَحْمَدَ أَوِ الطَّبَرَانِيِّ أَوْ كِتَابِ الطَّوَاعِينِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا وَلَا وُجُودَ لِذَلِكَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ: الْأَوَّلُ حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ)، أَيِ: ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَعَ فِي سِيَاقِ أَحْمَدَ فِيهِ قِصَّةٌ عَنْ حَبِيبٍ قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَبَلَغَنِي أَنَّ الطَّاعُونَ بِالْكُوفَةِ، فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ فَسَأَلْتُهُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَزَادَ: فَقَالَ لِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَغَيْرُهُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ: فَقُلْتُ: عَمَّنْ؟ قَالُوا: عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، فَأَتَيْتُهُ فَقَالُوا: غَائِبٌ، فَلَقِيتُ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ فَسَأَلْتُهُ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا)، أَيْ: وَالِدَ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَسَعْدٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَبِيبٍ وَزَادَ وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ لَا يَضُرُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ تَذَكَّرَ لِمَا حَدَّثَهُ بِهِ أُسَامَةُ أَوْ نُسِبَتِ الرِّوَايَةُ إِلَى سَعْدٍ لِتَصْدِيقِهِ أُسَامَةَ. وَأَمَّا خُزَيْمَةُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَضَمَّهُ إِلَيْهَا تَارَةً وَسَكَتَ عَنْهُ أُخْرَى.

قَوْلُهُ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أُسَامَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى رِوَايَةِ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْرَجَهَا الْمُصَنِّفُ فِي تَرْكِ الْحِيَلِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ الْوَجَعَ فَقَالَ: رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ، ثُمَّ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِي الْأُخْرَى الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ فِيهِ: إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ أَوِ السَّقَمَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، وَمُغِيرَةِ بْنِ