للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذَرٍّ كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اللَّفْظَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الشَّعْرِ إِذَا مُشِطَ وَبَيْنَ الْكَتَّانِ إِذَا سُرِّحَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَالْمُشَاقَةُ وَهُوَ أَشْبَهَ، وَقِيلَ الْمُشَاقَةُ هِيَ الْمُشَاطَةُ بِعَيْنِهَا، وَالْقَافُ تُبْدَلُ مِنَ الطَّاءِ لِقُرْبِ الْمَخْرَجِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٤٨ - بَاب الشِّرْكُ وَالسِّحْرُ مِنْ الْمُوبِقَاتِ

٥٧٦٤ - حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: اجْتَنِبُوا الْمُوبِقَاتِ؛ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الشِّرْكِ وَالسِّحْرِ مِنَ الْمُوبِقَاتِ) أَيِ الْمُهْلِكَاتِ.

قَوْلُهُ: (اجْتَنِبُوا الْمُوبِقَاتِ: الشِّرْكَ بِاللَّهِ وَالسِّحْرَ) هَكَذَا أَوْرَدَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا وَحَذَفَ لَفْظَ الْعَدَدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا بِلَفْظِ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ، وَيَجُوزُ نَصْبُ الشِّرْكِ بَدَلًا مِنَ السَّبْعِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ فَيَكُونُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالنُّكْتَةُ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى اثْنَتَيْنِ مِنَ السَّبْعِ هُنَا الرَّمْزُ إِلَى تَأْكِيدِ أَمْرِ السِّحْرِ، فَظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ هُوَ جُمْلَةُ الْحَدِيثِ، فَقَالَ: ذِكْرُ الْمُوبِقَاتِ وَهِيَ صِيغَةُ جَمْعٍ وَفَسَّرَهَا بِاثْنَتَيْنِ فَقَطْ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ - تَعَالَى - ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ فَاقْتَصَرَ عَلَى اثْنَتَيْنِ فَقَطْ، وَهَذَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فِي الْآيَةِ، وَلَكِنْ لَيْسَ الْحَدِيثُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ سَبْعَةٌ حَذَفَ الْبُخَارِيُّ مِنْهَا خَمْسَةً وَلَيْسَ شَأْنُ الْآيَةِ كَذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: تَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ حَذْفَ الْمَعْطُوفِ لِلْعِلْمِ بِهِ، فَإِنَّ التَقْدِيرَ اجْتَنِبُوا الْمُوبِقَاتِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ وَالسِّحْرَ وَأَخَوَاتِهِمَا وَجَازَ الْحَذْفُ لِأَنَّ الْمُوبِقَاتِ سَبْعٌ، وَقَدْ ثَبَتَتْ فِي حَدِيثٍ آخَرَ، وَاقْتَصَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ثِنْتَيْنِ مِنْهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمَا أَحَقُّ بِالِاجْتِنَابِ، وَيَجُوزُ رَفْعُ الشِّرْكِ وَالسِّحْرِ عَلَى تَقْدِيرِ مِنْهُنَّ.

قُلْتُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ هَكَذَا تَارَةً وَتَارَةً وَرَدَ بِتَمَامِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الَّذِي اخْتَصَرَهُ الْبُخَارِيُّ نَفْسُهُ كَعَادَتِهِ فِي جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا فِي بَابِ قَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ شَيْخِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَسَاقَهَا سَبْعًا فَذَكَرَ بَعْدَ السِّحْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ إِلَخْ، وَأَعَادَهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْمُحَارَبِينَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِعَيْنِهِ بِتَمَامِهِ، وَأَغْفَلَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ ذِكْرَ هَذَا الْمَوْضِعِ فِي تَرْجَمَةِ سَالِمٍ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

٤٩ - بَاب هَلْ يَسْتَخْرِجُ السِّحْرَ؟

وَقَالَ قَتَادَةُ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ - أَوْ يُؤَخَّذُ عَنْ امْرَأَتِهِ - أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ؟

قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الْإِصْلَاحَ، فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ

٥٧٦٥ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي آلُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، فَسَأَلْتُ هِشَامًا عَنْهُ، فَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سُحِرَ حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأْتِيهِنَّ، قَالَ سُفْيَانُ: وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنْ السِّحْرِ إِذَا كَانَ كَذَا، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَعَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ