للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ) سَقَطَ لَفْظُ بَابٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَمْ يَكُنْ لِبَاسُ الْخَاتَمِ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ، فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الْمُلُوكِ اتَّخَذَ الْخَاتَمَ وَاتَّخَذَهُ مِنْ ذَهَبٍ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الزِّينَةِ وَلِمَا يُخْشَى مِنَ الْفِتْنَةِ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي بَاطِنَ كَفِّهِ لِيَكُونَ أَبْعَدَ مِنَ التَّزَيُّنِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ دَعْوَاهُ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعْرِفُ الْخَاتَمَ عَجِيبَةً، فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُهُ انْتَهَى، وَيَحْتَاجُ إِلَى ثُبُوتِ لُبْسِهِ عَنِ الْعَرَبِ وَإِلَّا فَكَوْنُهُ عَرَبِيًّا وَاسْتِعْمَالُهُمْ لَهُ فِي خَتْمِ الْكُتُبِ لَا يَرُدُّ عَلَى عِبَارَةِ الْخَطَّابِيِّ، وَقَدْ قَالَ الطَّحَاوِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ لُبْسِ الْخَاتَمِ إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى كَرَاهَةِ لُبْسِ الْخَاتَمِ إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ، وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَأَبَاحُوهُ، وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا أَلْقَى خَاتَمَهُ أَلْقَى النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْخَاتَمَ فِي الْعَهْدِ النَّبَوِيِّ مَنْ لَيْسَ ذَا سُلْطَانٍ، فَإِنْ قِيلَ هُوَ مَنْسُوخٌ، قُلْنَا الَّذِي نُسِخَ مِنْهُ لُبْسُ خَاتَمِ الذَّهَبِ، قُلْتُ أَوْ لُبْسُ خَاتَمِ الْمَنْقُوشِ عَلَيْهِ نَقْشُ خَاتَمِ النَّبِيِّ ﷺ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ.

ثُمَّ أَوْرَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْخَوَاتِمَ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ انْتَهَى. وَلَمْ يَجِبْ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَيْحَانَةَ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لُبْسَهُ لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ خِلَافُ الْأَوْلَى، لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ التَّزَيُّنِ، وَاللَّائِقُ بِالرِّجَالِ خِلَافُهُ، وَتَكُونُ الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْجَوَازِ هِيَ الصَّارِفَةُ لِلنَّهْيِ عَنِ التَّحْرِيمِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ نَهى عَنِ الزِّينَةِ وَالْخَاتَمِ الْحَدِيثَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ مَنْ لَهُ سُلْطَنَةٌ عَلَى شَيْءٍ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْخَتْمِ عَلَيْهِ لَا السُّلْطَانَ الْأَكْبَرَ، خَاصَّةً وَالْمُرَادُ بِالْخَاتَمِ مَا يُخْتَمُ بِهِ فَيَكُونُ لُبْسُهُ عَبَثًا. وَأَمَّا مَنْ لَبِسَ الْخَاتَمَ الَّذِي لَا يُخْتَمُ بِهِ وَكَانَ مِنَ الْفِضَّةِ لِلزِّينَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ حَالُ مَنْ لَبِسَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ مِنْ صِفَةِ نَقْشِ خَوَاتِمِ بَعْضِ مَنْ كَانَ يَلْبَسُ الْخَوَاتِمَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِصِفَةِ مَا يُخْتَمُ بِهِ، وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَيْحَانَةَ فَضَعَّفَهُ وَقَالَ: سَأَلَ صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، ابْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ: الْبَسِ الْخَاتَمَ، وَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنِّي قَدْ أَفْتَيْتُكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَكْمِلَةٌ): جَزَمَ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ أَنَّ اتِّخَاذَ الْخَاتَمَ كَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ، وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ كَانَ فِي السَّادِسَةِ، وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَاخِرِ السَّادِسَةِ وَأَوَائِلِ السَّابِعَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اتَّخَذَهُ عِنْدَ إِرَادَتِهِ مُكَاتَبَةَ الْمُلُوكِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَانَ إِرْسَالُهُ إِلَى الْمُلُوكِ فِي مُدَّةِ الْهُدْنَةِ، وَكَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي ذِي الْحَجَّةِ، وَوَجَّهَ الرُّسُلَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنَ السَّابِعَةِ، وَكَانَ اتِّخَاذُهُ الْخَاتَمَ قَبْلَ إِرْسَالِهِ الرُّسُلَ إِلَى الْمُلُوكِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٥٣ - بَاب مَنْ جَعَلَ فَصَّ الْخَاتَمِ فِي بَطْنِ كَفِّهِ

٥٨٧٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ، فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ اصْطَنَعْتُهُ وَإِنِّي لَا أَلْبَسُهُ، فَنَبَذَهُ، فَنَبَذَ النَّاسُ. قَالَ جُوَيْرِيَةُ: وَلَا أَحْسِبُهُ إِلَّا قَالَ: فِي يَدِهِ الْيُمْنَى.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ جَعَلَ فَصَّ الْخَاتَمِ فِي بَطْنِ كَفِّهِ) سَقَطَ لَفْظُ بَابُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: قِيلَ لِمَالِكٍ يُجْعَلُ الْفَصُّ فِي بَاطِنِ الْكَفِّ؟ قَالَ: لَا، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَيْسَ فِي كَوْنِ فَصِّ الْخَاتَمِ فِي بَطْنِ الْكَفِّ وَلَا ظَهْرِهَا