للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ أَنَّ النَّبِيَّ هُوَ الَّذِي خَضَّبَ، بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ احْمَرَّ بَعْدَهُ لِمَا خَالَطَهُ مِنْ طِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ فَغَلَبَتْ بِهِ الصُّفْرَةُ، قَالَ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَحَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُخَضِّبْ أَصَحُّ، كَذَا قَالَ، وَالَّذِي أَبَدَاهُ احْتِمَالًا قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ مَوْصُولًا إِلَى أَنَسٍ فِي بَابِ صِفَةِ النَّبِيِّ وَأَنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ. قُلْتُ: وَكَثُرَ مِنَ الشُّعُورِ الَّتِي تُفْصَلُ عَنِ الْجَسَدِ إِذَا طَالَ الْعَهْدُ يَئُولُ سَوَادُهَا إِلَى الْحُمْرَةِ، وَمَا جَنَحَ إِلَيْهِ مِنَ التَّرْجِيحِ خِلَافُ مَا جَمَعَ بِهِ الطَّبَرِيُّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ جَزَمَ أَنَّهُ خَضَّبَ - كَمَا فِي ظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَاضِي قَرِيبًا أَنَّهُ خَضَّبَ بِالصُّفْرَةِ - حَكَى مَا شَاهَدَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ.

وَمَنْ نَفَى ذَلِكَ كَأَنَسٍ فَهُوَ مَحْمُود عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَبِ مِنْ حَالِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ مَا كَانَ فِي رَأْسِ النَّبِيِّ وَلِحْيَتِهِ مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا شَعَرَاتٌ كَانَ إِذَا دَهَنَ وَارَاهُنَّ الدُّهْنَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ أَثْبَتُوا الْخِضَابَ شَاهَدُوا الشَّعْرَ الْأَبْيَضَ، ثُمَّ لَمَّا وَارَاهُ الدُّهْنُ ظَنُّوا أَنَّهُ خَضبَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِوَصْلِهِ فَقَالَ قَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ.

قَوْلُهُ: (نُصَيْرٌ) بِنُونٍ مُصَغَّرٌ ابْنُ أَبِي الْأَشْعَثِ [وَيُقَالُ الْأَشْعَثُ] (١) اسْمُهُ، وَلَيْسَ لِنُصَيْرٍ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ.

٦٧ - بَاب الْخِضَابِ

٥٨٩٩ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ النَّبِيُّ : إ نَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الْخِضَابِ) أَيْ تَغْيِيرُ لَوْنِ شَيْبِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ) كَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَتَابَعَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَيُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَحْدَهُ، وَقَدْ مَضَتْ رِوَايَةُ صَالِحٍ فِي أَحَادِيثَ الْأَنْبِيَاءِ، وَرِوَايَةُ الْآخَرِينَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، عَنْ سُفْيَانَ بِسَنَدِهِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.

قَوْلُهُ: (إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ) هَكَذَا أُطْلِقَ، وَلِأَحْمَدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ بِيضٌ لِحَاهُمْ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَفِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَأْمُرُ بِتَغْيِيرِ الشَّعْرِ مُخَالَفَةً لِلْأَعَاجِمِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَجَازَ الْخِضَابَ بِالسَّوَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مَسْأَلَةُ اسْتِثْنَاءِ الْخَضْبِ بِالسَّوَادِ لِحَدِيثَيْ جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ فِي الْجِهَادِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ مُطْلَقًا وَأَنَّ الْأَوْلَى كَرَاهَتُهُ، وَجَنَحَ النَّوَوِيُّ إِلَى أَنَّهُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَجَرِيرٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْخِضَابِ لَهُ وَأَجَابَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ يَكُونُ قَوْمٌ يُخَضِّبُونَ بِالسَّوَادِ لَا يَجِدُونَ رِيحَ الْجَنَّةِ بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى كَرَاهَةِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ بَلْ فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنْ قَوْمٍ هَذِهِ صِفَتُهُمْ، وَعَنْ حَدِيثِ جَابِرٍ جَنِّبُوهُ السَّوَادَ بِأَنَّهُ


(١) من ترجمة نصير في "تهذيب التهذيب".