للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَجْمَعُ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ أَحْيَانًا مُخْتَصَرًا وَطَوْرًا بِتَمَامِهِ، وَقَدْ فَرَّقَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَحَادِيثَ، وَمِمَّنْ وَقَعَ عِنْدَهُ بَعْضَهُ مُفَرَّقًا ابْنُ مَاجَهْ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ مِنْ كِتَابِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ عَظِيمٌ اشْتَمَلَ عَلَى جُمَلٍ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْآدَابِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا.

الحديث الثاني: حَدِيثُ أَنَسٍ:

قَوْلُهُ: (لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا) هَكَذَا اقْتَصَرَ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَزَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْهُ فِيهِ: وَلَا تَنَافَسُوا، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ، وَالْخَطِيبُ فِي الْمُدْرَجِ، قَالَ: وَهَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَدْ قَالَ الْخَطِيبُ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: خَالَفَ سَعِيدٌ جَمِيعَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَإِنَّمَا هِيَ عِنْدَهُمْ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، أَيِ الْحَدِيثُ الَّذِي يَلِي هَذَا، فَأَدْرَجَهَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَكَذَا قَالَ حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهَا عَنْ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ غَيْرَ سَعِيدٍ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حُكْمِ التَّهَاجُرِ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى زِيَادَةٍ وَقَعَتْ فِي آخِرِ حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.

٥٨ - بَاب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا﴾

٦٠٦٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا﴾ كَذَا لِلْجَمِيعِ، إِلَّا أَنَّ لَفْظَ بَابٍ سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ.

وأورد فيه حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْهُ فَقَطْ، وَزَعَمَ ابْنُ بَطَّالٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ التِّينِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ - أَيِ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ -، ثُمَّ حَكَى ابْنُ بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ أَنَّ مُطَابَقَتَهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْبُغْضَ وَالْحَسَدَ يَنْشَآنِ عَنْ سُوءِ الظَّنِّ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يَتَأَوَّلَانِ أَفْعَالَ مَنْ يُبْغِضَانِهِ وَيَحْسُدَانِهِ عَلَى أَسْوَأِ التَّأْوِيلِ اهـ. وَالَّذِي وَقَفْتُ عَلَيْهِ فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَعَتْ لَنَا كُلِّهَا أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ.

قَوْلُهُ فِيهِ (وَلَا تَنَاجَشُوا) كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مِنَ الْبُخَارِيِّ بِالْجِيمِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، مِنَ النَّجْشِ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي السِّلْعَةِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا لِيَقَعَ غَيْرُهُ فِيهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَحُكْمُهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَالَّذِي فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ وَلَا تَنَافَسُوا بِالْفَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُوَطَّآتِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، وَمَعْنٍ، وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى التَّمِيمِيِّ، وَالْقَعْنَبِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَرَكَانِيِّ، وَأَبِي مُصْعَبٍ، وَأَبِي حُذَافَةَ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى التَّمِيمِيِّ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَكِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ بِلَفْظِ وَلَا تَنَاجَشُوا كَمَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمَنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ كَذَلِكَ فَاخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ على أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ، فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهَا عَلَى مَالِكٍ، إِلَّا أَنِّي مَا وَجَدْتُ مَا يُعَضِّدُ رِوَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ هَذِهِ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجَمِيعُ عَلَى