للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَنَحْوَهَما.

٦١٠٧ - حَدَّثَنا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حدثنا المغيرة، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ.

٦١٠٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي رَكْبٍ، وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَلَا إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، وَإِلَّا فَلْيَصْمُتْ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا أَوْ جَاهِلًا) أَيْ بِالْحُكْمِ أَوْ بِحَالِ الْمَقُولِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عُمَرُ، لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِنَّهُ نَافَقَ)، كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مُنَافِقٌ بِاسْمِ الْفَاعِلِ. وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا مَعَ شَرْحِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ.

ثم ذكر حَدِيثُ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حَيْثُ طَوَّلَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَفَارَقَهُ الرَّجُلُ فَصَلَّى وَحْدَهُ، فَقَالَ مُعَاذٌ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، وَقد تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ أَبُوهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ. وَقَوْلُهُ فَتَجَوَّزُ رَجُلٌ بِالْجِيمِ وَالزَّاي لِلْجَمِيعِ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ رُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيِ انْحَازَ فَصَلَّى وَحْدَهُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ) هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ هُوَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحِمْصِيُّ، وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ كَثِيرًا بِلَا وَاسِطَةٍ. وَتَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّجْمِ مَعَ شَرْحِهِ، وَوَجْهُ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاضِحٌ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الْمُهَلَّبِ: أَمْرُهُ ﷺ لِلْحَالِفِ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى بِقَوْلِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَدِيمَ حَالُهُ عَلَى مَا قَالَ فَيُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ حُبُوطِ عَمَلِهِ فِيمَا نَطَقَ بِهِ مِنْ كَلِمَةِ الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ، قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَنَفَى عَنْهُ الْإِيمَانَ فِي حَالَةِ الزِّنَا خَاصَّةً انْتَهَى. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِطْلَاقٌ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ تَعْلِيمُ مَنْ نَسِيَ أَوْ جَهِلَ فَحَلَفَ بِذَلِكَ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى مَا يُكَفِّرُ عَنْهُ مَا وَقَعَ فِيهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَرْشَدَ مَنْ تَلَفَّظَ بِشَيْءٍ مِمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُ التَّلَفُّظُ بِهِ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى مَا يَرْفَعُ الْحَرَجَ عَنِ الْقَائِلِ أَنْ لَوْ قَالَ ذَلِكَ قَاصِدًا إِلَى مَعْنَى مَا قَالَ، وَقَدْ قَدَّمْتُ تَوْجِيهَ هَذَا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَمُنَاسَبَةِ الْأَمْرِ بِالصَّدَقَةِ لِمَنْ قَالَ أُقَامِرُكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْمَالِ فِي الْبَاطِلِ، فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ فِي الْحَقِّ.

ثم ذكر المصنف حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي حَلِفِ عُمَرَ بِأَبِيهِ، وَفِيهِ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، وَقَصَدَ بِذِكْرِهِ هُنَا الْإِشَارَةَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ حَلِفُ عُمَرَ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يسمع النَّهْيُ كَانَ مَعْذُورًا فِيمَا صَنَعَ، فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَى نَهْيهِ وَلَمْ يُؤَاخِذْهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَأَوَّلَ أَنَّ حَقَّ أَبِيهِ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَحْلِفَ بِهِ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ لِعَبْدِهِ أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٧٥ - بَاب مَا يَجُوزُ مِنْ الْغَضَبِ وَالشِّدَّةِ لِأَمْرِ اللَّهِ تعالى