للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْعَرَبِ لَا عَلَى مَا يَعْرِضُ فِي خَاطِرِهِ، لِمَا عُرِفَ مِنْ تَحَرُّزِهِ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى كَرَاهَةِ الشِّعْرِ مُطْلَقًا وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ سَلِمَ مِنَ الْفُحْشِ. وَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ خُذُوا الشَّيْطَانَ (١) وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا، أَوْ كَانَ الشِّعْرُ هُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ شِعْرُهُ الَّذِي يَنْشُدُهُ إِذْ ذَاكَ مِنَ الْمَذْمُومِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَهِيَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ، وَلَا عُمُومَ لَهَا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا، وَأَلْحَقَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ بِامْتِلَاءِ الْجَوْفِ بِالشِّعْرِ الْمَذْمُومِ حَتَّى يَشْغَلَهُ عَمَّا عَدَاهُ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ الِامْتِلَاءُ مِنَ السَّجْعِ مَثَلًا، وَمِنْ كُلِّ عِلْمٍ مَذْمُومٍ كَالسِّحْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي تُقَسِّي الْقَلْبَ وَتَشْغَلُهُ عَنِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَتُحْدِثُ الشُّكُوكَ فِي الِاعْتِقَادِ، وَتُفْضِي بِهِ إِلَى التَّبَاغُضِ وَالتَّنَافُسِ.

(تَنْبِيهٌ): مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ فِي ذَمِّ الشِّعْرِ أَنَّ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِذَلِكَ كَانُوا فِي غَايَةِ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ، فَزَجَرَهُمْ عَنْهُ لِيُقْبِلُوا عَلَى الْقُرْآنِ وَعَلَى ذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَعِبَادَتِهِ، فَمَنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ مَا أُمِرَ بِهِ لَمْ يَضُرَّهُ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٩٣ - بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: تَرِبَتْ يَمِينُكِ، وَعَقْرَى، حَلْقَى

٦١٥٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ بَعْدَ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَإِنَّ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ، قَالَ: ائْذَنِي لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ.

٦١٥٧ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَنْفِرَ فَرَأَى صَفِيَّةَ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً حَزِينَةً؛ لِأَنَّهَا حَاضَتْ فَقَالَ: عَقْرَى حَلْقَى. لُغَةٌ قُرَيْشٍ. إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، ثُمَّ قَالَ: أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ يَعْنِي الطَّوَافَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: فَانْفِرِي إِذًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ تَرِبَتْ يَمِينُكَ، وَعَقْرَى حَلْقَى) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ لِعَائِشَةَ مُقَدِّمًا فِيهِمَا مَا تَرْجَمَ بِهِ:

أَحَدُهُمَا: حَدِيثُهَما فِي قِصَّةِ أَبِي الْقُعَيْسِ فِي الرَّضَاعَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ الْأَكْفَاءِ فِي الدِّينِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ الْحَدِيثَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَصْلُ تَرِبَتِ افْتَقَرَتْ، وَلَكِنَّهَا كَلِمَةٌ


(١) هو في صحيح مسلم (كتاب الشعر) رقم ٢٢٥٩ عن أبي سعيد "بينما نحن نسير مع رسول الله ﷺ بالعرج، إذ عرض شاعر ينشد، فقال رسول الله ﷺ: "خذوا الشيطان - أو - أمسكوا الشيطان؛ لأن يمتلئ جوف رجل قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا".