للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا سَمِعَ الِاسْمَ الْقَبِيحَ حَوَّلَهُ إِلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَقَدْ وَصَلَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هِشَامٍ بِذِكْرِ عَائِشَةَ فِيهِ.

وفيه ثلاثة أحاديث؛ الأول: حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ.

قَوْلُهُ: (أُتِيَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أبي أُسَيْدٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ حِينَ وُلِدَ) أَبُو أُسَيْدٍ بِالتَّصْغِيرِ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، وَلَهُ أَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ وَلَدِهِ هَذَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَغَازِي، وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِيهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِهِمُ الْوَلَدُ أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ لِيُحَنِّكَهُ وَيُبَارِكَ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ.

قَوْلُهُ: (فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ) يَعْنِي إِكْرَامًا لَهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَها النَّبِيُّ ﷺ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ)؛ أَيِ اشْتَغَلَ، وَكُلُّ مَا شَغَلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ أَلْهَاكَ عَنْ غَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: رُوِيَ لَهِيَ بِوَزْنِ عَلِمَ وَهِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَبِالْفَتْحِ لُغَةُ طَيِّئٍ.

قَوْلُهُ: (فَاسْتَفَاقَ النَّبِيُّ ﷺ؛ أَيِ انْقَضَى مَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِهِ فَأَفَاقَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَرَ الصَّبِيَّ فَسَأَلَ عَنْهُ، يُقَالُ: أَفَاقَ مِنْ نَوْمِهِ وَمِنْ مَرَضِهِ وَاسْتَفَاقَ بِمَعْنًى.

قَوْلُهُ: (قَلَّبْنَاهُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ؛ أَيْ: صَرَفْنَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ: أَقْلَبْنَاهُ؛ بِزِيَادَةِ هَمْزَةٍ أَوَّلَهُ، قَالَ: وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا، وَأَثْبَتَهَا غَيْرُهُ لُغَةً.

قَوْلُهُ: (مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: فُلَانٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِ، فَكَأَنَّهُ كَانَ سَمَّاهُ اسْمًا لَيْسَ مُسْتَحْسَنًا فَسَكَتَ عَنْ تَعْيِينِهِ، أَوْ سَمَّاهُ فَنَسِيَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنَّ اسْمَهُ الْمُنْذِرُ)؛ أَيْ: لَيْسَ هَذَا الِاسْمُ الَّذِي سَمَّيْتُهُ بِهِ اسمه الَّذِي يَلِيقُ بِهِ، بَلْ هُوَ الْمُنْذِرُ. قَالَ الدَّاوُدِيُّ: سَمَّاهُ الْمُنْذِرَ تَفَاؤُلًا أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلْمٌ يُنْذِرُ بِهِ. قُلْتُ: وَتَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي أَنَّهُ سُمِّيَ الْمُنْذِرَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو السَّاعِدِيِّ الْخَزْرَجِيِّ، وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ مِنْ رَهْطِ أَبِي أُسَيْدٍ.

الحديث الثاني:

قَوْلُهُ: (عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ) هُوَ ابْنُ هِلَالٍ مَوْلَى أَنَسٍ، وَأَبُو رَافِعٍ هُوَ نُفَيْعٌ الصَّانِعُ.

قَوْلُهُ: (أنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، كَذَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ - وَهُوَ غُنْدَرٌ -، عَنْ شُعْبَةَ، وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا السَّنَدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ اسْمُ مَيْمُونَةَ بَرَّةَ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْهُ، وَالْأَوَّلُ أَكْبَرُ، وَزَيْنَبُ هِيَ بِنْتُ جَحْشٍ أَوْ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، وَالْأُولَى زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ وَالثَّانِيَةُ رَبِيبَتُهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا كَانَ اسْمُهَا أَوَّلًا بَرَّةَ فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ ﷺ، كَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقِصَّةُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَت: سُمِّيَتْ بَرَّةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ. قَالُوا: مَا نُسَمِّيهَا؟ قَالَ: سَمُّوهَا زَيْنَبَ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ: وَكَانَ اسْمُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بَرَّةَ. وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُؤْتَلِفِ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْمِي بَرَّةُ، فَلَوْ غَيَّرْتَهُ! فَإِنَّ الْبَرَّةَ صَغِيرَةٌ. فَقَالوا: كَانَ مُسْلِمًا (١) لَسَمَّيْتُهُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهَا، وَلَكِنْ هُوَ جَحْشٌ، فَالْجَحْشُ أَكْبَرُ مِنَ الْبَرَّةِ.

وَقَدْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ لِجُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ اسْمُ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ بَرَّةَ، فَحَوَّلَ النَّبِيُّ ﷺ اسْمَهَا فَسَمَّاهَا جُوَيْرِيَةَ، كَرِهَ أَنْ يَقُولَ: خَرَجَ مِنْ عِنْدَ بَرَّةَ.

قَوْلُهُ: (فَقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا)؛ أَيْ لِأَنَّ لَفْظَةَ بَرَّةٍ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْبِرِّ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ: كَرِهَ أَنْ يُقَالَ: خَرَجَ مِنْ عِنْدِ بَرَّةَ، وَقَالَ فِي قِصَّةِ زَيْنَبَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ.

الحديث الثالث:

قَوْلُهُ: (هِشَامٌ) هُوَ ابْنُ يُوسُفَ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ؛ أَيِ ابْنُ عُثْمَانَ الْحَجَبِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَحَدَّثَنِي أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا) هَكَذَا أَرْسَلَ سَعِيدٌ الْحَدِيثَ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ عَبْدَ الْحَمِيدِ، وَلِمَا حَدَّثَ بِهِ الزُّهْرِيَّ وَصَلَهُ عَنْ


(١) قال مصحح طبعة بولاق: هكذا في جملة النسخ، وحرر