للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَوْصُولٌ لَكِنْ فِي سَنَدِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ فِي بَيْتِي، فَقَرَعَ الْبَابَ، فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ عُرْيَانَا يَجُرُّ ثَوْبَهُ، فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَأَخْرَجَ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ أَنَّ النَّبِيَّ لَقِيَهُ فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ. وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِي أَخْذِ الْعَبَّاسِ بِيَدِ عَلِيٍّ جَوَازُ الْمُصَافَحَةِ وَالسُّؤَالِ عَنْ حَالِ الْعَلِيلِ كَيْفَ أَصْبَحَ، وَفِيهِ جَوَازُ الْيَمِينِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَفِيهِ أَنَّ الْخِلَافَةَ لَمْ تُذْكَرْ بَعْدَ النَّبِيِّ لِعَلِيٍّ أَصْلًا لِأَنَّ الْعَبَّاسَ حَلَفَ أَنَّهُ يَصِيرُ مَأْمُورًا لَا آمِرًا لِمَا كَانَ يَعْرِفُ مِنْ تَوْجِيهِ النَّبِيِّ بِهَا إِلَى غَيْرِهِ، وَفِي سُكُوتِ عَلِيٍّ دَلِيلٌ عَلَى عِلْمِ عَلِيٍّ بِمَا قَالَ الْعَبَّاسُ، قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ لَوْ صَرَّحَ النَّبِيُّ بِصَرْفِهَا عَنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يُمَكِّنْهُمْ أَحَدٌ بَعْدَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ ; لِأَنَّهُ قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ وَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَمَرْتُ عُمَرَ فَامْتَنَعَ ثُمَّ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ عُمَرُ مِنْ وِلَايَتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَمْ يَفْهَمُ مُرَادَ عَلِيٍّ. وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ بَيَانَ مُرَادِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا خَشِيَ أَنْ يَكُونَ مَنْعُ النَّبِيِّ لَهُمْ مِنَ الْخِلَافَةِ حُجَّةً قَاطِعَةً بِمَنْعِهِمْ مِنْهَا عَلَى الِاسْتِمْرَارِ تَمَسُّكًا بِالْمَنْعِ الْأَوَّلِ لَوْ رَدَّهُ بِمَنْعِ الْخِلَافَةِ نَصًّا، وَأَمَّا مَنْعُ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَلَى مَنْعِ الْخِلَافَةِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى إِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ فَهُوَ بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ لَا النَّصِّ، وَلَوْلَا قَرِينَةُ كَوْنِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مَا قَوِيَ، وَإِلَّا فَقَدِ اسْتَنَابَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرَهُ فِي أَسْفَارِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا مَا اسْتَنْبَطَهُ أَوَّلًا فَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ مُسْتَنَدَ الْعَبَّاسِ فِي ذَلِكَ الْفَرَاسَةُ وَقَرَائِنُ الْأَحْوَالِ، وَلَمْ يَنْحَصِرْ ذَلِكَ فِي أَنَّ مَعَهُ مِنَ النَّبِيِّ النَّصَّ عَلَى مَنْعِ عَلِيٍّ مِنَ الْخِلَافَةِ، وَهَذَا بَيِّنٌ مِنْ سِيَاقِ الْقِصَّةِ، وَقَدْ قَدَّمْتُ هُنَاكَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِعَلِيٍّ بَعْدَ أَنْ مَاتَ النَّبِيُّ : ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَيُبَايِعَكَ النَّاسُ فَلَمْ يَفْعَلْ، فَهَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْعَبَّاسَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ نَصٌّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُ الْعَبَّاسِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِعَلِيٍّ: أَلَا تَرَاهُ، أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ. إِلَخْ.

قَالَ ابْنُ التِّينِ: الضَّمِيرُ فِي تَرَاهُ لِلنَّبِيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَلَيْسَتِ الرُّؤْيَةُ هُنَا الرُّؤْيَةَ الْبَصَرِيَّةَ، وَقَدْ وَقَعَ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ أَلَا تَرَى بِغَيْرِ ضَمِيرٍ. وَقوْلُهُ: لَوْ لَمْ تَكُنِ الْخِلَافَةُ فِينَا آمَرْنَاهُ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: فَهُوَ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ أَيْ شَاوَرْنَاهُ، قَالَ: وَقَرَأْنَاهُ بِالْقَصْرِ مِنَ الْأَمْرِ، قُلْتُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْمُرَادُ سَأَلْنَاهُ، لِأَنَّ صِيغَةَ الطَّلَبِ كَصِيغَةِ الْأَمْرِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ يُؤَكِّدُ عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ آمِرٌ لَهُ بِذَلِكَ.

وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعُلُوُّ وَلَا الِاسْتِعْلَاءُ. وَحَكَى ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَاوُدِيِّ: أَنَّ أَوَّلَ مَا اسْتَعْمَلَ النَّاسُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ فِي زَمَنِ طَاعُونِ عَمَوَاسَ، وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَبِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

قُلْتُ: وَالْجَوَابُ حَمْلُ الْأَوَّلِيَّةِ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ جَاءَ بِمَشْرُوعِيَّةِ السَّلَامِ لِلْمُتَلَاقِيَيْنِ، ثُمَّ حَدَثَ السُّؤَالُ عَنِ الْحَالِ، وَقَلَّ مَنْ صَارَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَالسُّنَّةُ الْبَدَاءَةُ بِالسَّلَامِ، وَكَأَنَّ السَّبَبَ فِيهِ مَا وَقَعَ مِنَ الطَّاعُونِ فَكَانَتِ الدَّاعِيَةُ مُتَوَفِّرَةً عَلَى سُؤَالِ الشَّخْصِ مِنْ صِدِيقِهِ عَنْ حَالِهِ فِيهِ، ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى اكْتَفَوْا بِهِ عَنِ السَّلَامِ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ سُؤَالِ الشَّخْصِ عَمَّنْ عِنْدَهُ مِمَّنْ عَرَفَ أَنَّهُ مُتَوَجِّعٌ وَبَيْنَ سُؤَالِ مَنْ حَالُهُ يَحْتَمِلُ الْحُدُوثَ.

٣٠ - بَاب مَنْ أَجَابَ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ

٦٢٦٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ