للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَخَذَتِ الْعَرَقَ وَقْتَ قَيْلُولَتِهِ أَضَافَتْهُ إِلَى الشَّعْرِ الَّذِي عِنْدَهَا لَا أَنَّهَا أَخَذَتْ مِنْ شَعْرِهِ لَمَّا نَامَ وَيُسْتَفَادُ مِنْهَا أَيْضًا أَنَّ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ كَانَتْ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ ﷺ إِنَّمَا حَلَقَ رَأْسَهُ بِمِنًى فِيهَا.

قَوْلُهُ: (فِي سُكٍّ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ، هُوَ طِيبٌ مُرَكَّبٌ وَفِي النِّهَايَةِ طِيبٌ مَعْرُوفٌ يُضَافُ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الطِّيبِ، وَيُسْتَعْمَلُ. وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ الْمَذْكُورَةِ: ثُمَّ تَجْعَلُهُ فِي سُكِّهَا. وَفِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ عِنْدَنَا فَعَرِقَ وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ فَجَعَلَتْ تَسْلُتُ الْعَرَقَ فِيهَا فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ؟ قَالَتْ: هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا، وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْمَذْكُورَةِ: عَرِقَ فَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهُ عَلَى قِطْعَةِ أَدِيمٍ فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَهَا، فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذَلِكَ الْعَرَقَ فَتَعْصِرُهُ فِي قَوَارِيرِهَا فَأَفَاقَ فَقَالَ: مَا تَصْنَعِينَ؟ قَالَتْ: نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا، فَقَالَ: أَصَبْتِ وَالْعَتِيدَةُ بِمُهْمَلَةٍ، ثُمَّ مُثَنَّاةٍ وَزْنَ عَظِيمَةٍ السَّلَّةُ أَوِ الْحُقُّ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعَتَادِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الْمُعَدُّ لِلْأَمْرِ الْمُهِمِّ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ الْمَذْكُورَةِ: فَكَانَتْ تَجْمَعُ عَرَقَهُ فَتَجْعَلُهُ فِي الطِّيبِ وَالْقَوَارِيرِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: عَرَقُكَ أَذُوفُ بِهِ طِيبِي وَأَذُوفُ بِمُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ، ثُمَّ فَاءٍ أَيْ أَخْلِطُ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى فِعْلِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَتَصْوِيبُهُ. وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ قَوْلِهَا إِنَّهَا كَانَتْ تَجْمَعُهُ لِأَجْلِ طِيبِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهَا لِلْبَرَكَةِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا.

قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقَائِلَةِ لِلْكَبِيرِ فِي بُيُوتِ مَعَارِفِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ ثُبُوتِ الْمَوَدَّةِ وَتَأَكُّدِ الْمَحَبَّةِ قَالَ وَفِيهِ طَهَارَةُ شَعْرِ الْآدَمِيِّ وَعَرَقِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ ﷺ وَدَلِيلُ ذَلِكَ مُتَمَكِّنٌ فِي الْقُوَّةِ وَلَا سِيَّمَا أنْ ثَبَتَ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ طَهَارَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا

الْحَدِيثُ الثَّانِي قِصَّةُ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ أُخْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ. قَوْلُهُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ.

قَوْلُهُ: إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءٍ. لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، إِلَّا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَالَ وَتَابَعَ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهَا عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مَالِكٍ.

قَوْلُهُ: أُمِّ حَرَامٍ. بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهِيَ خَالَةُ أَنَسٍ، وَكَانَ يُقَالُ لَهَا الرُّمَيْصَاءُ وَلِأُمِّ سُلَيْمٍ الْغُمَيْصَاءُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ، قَالَ عِيَاضٌ: وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ:، الْغُمَيْصَاءُ، وَالرُّمَيْصَاءُ هِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ، وَيَرُدُّهُ مَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الرُّمَيْصَاءِ أُخْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ.

وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَضَعَ رَأْسَهُ فِي بَيْتِ بِنْتِ مِلْحَانَ إِحْدَى خَالَاتِ أَنَسٍ، وَمَعْنَى الرَّمَصِ وَالْغَمَصِ مُتَقَارِبٌ، وَهُوَ اجْتِمَاعُ الْقَذَى فِي مُؤَخَّرِ الْعَيْنِ وَفِي هُدْبِهَا وَقِيلَ اسْتِرْخَاؤُهَا وَانْكِسَارُ الْجَفْنِ، وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ الْبَابِ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْهُ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ أَنَسٍ: فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِهِ وَمِنْهُمْ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ من أُمِّ حَرَامٍ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ أَوَّلَهُ مِنْ مُسْنَدِ أَنَسٍ وَقِصَّةُ الْمَنَامِ مِنْ مُسْنَدِ أُمِّ حَرَامٍ، فَإِنَّ أَنَسًا إِنَّمَا حَمَلَ قِصَّةَ الْمَنَامِ عَنْهَا، وَقَدْ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ؟ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ حَرَامٍ فِي بَابِ الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ، لَكِنَّهُ حَذَفَ مَا فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ وَابْتَدَأَهُ بِقَوْلِهِ: اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ نَوْمِهِ إِلَى آخِرِهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ رُكُوبِ الْبَحْرِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ عَنْ أَنَسٍ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ أُخْتُ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا فَاسْتَيْقَظَ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. هَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ زَوْجَ عُبَادَةَ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ غَزْوِ الْمَرْأَةِ فِي الْبَحْرِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ابْنَةِ مِلْحَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَتَقَدَّمَ