للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَفْرٍ لَيْسَ بِهَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ، وَعَلَيْهَا لَهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ، فَطَلَبَهَا حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُخْتَصَرًا ذَكَرُوا الْفَرَحَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ Object وَالرَّجُلُ يَجِدُ ضَالَّتَهُ، فَقَالَ: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ مَنْصُورٍ، فَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ حَبَّانَ بْنِ هِلَالٍ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا.

قُلْتُ: وَتَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ فِي بَابِ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَبُّوَيْهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ: فَذَكَرَ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي ظَنَّ أَبِي عَلِيٍّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَحَبَّانُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ الثَّقِيلَةِ، وَهَمَّامٌ هُوَ ابْنُ يَحْيَى وَقَدْ نَزَلَ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِهِ فِي السَّنَدِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ عَلَّاهُ بِدَرَجَةٍ فِي السَّنَدِ الثَّانِي، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي السَّنَدِ النَّازِلِ تَصْرِيحُ قَتَادَةَ بِتَحْدِيثِ أَنَسٍ لَهُ، وَوَقَعَ فِي السَّنَدِ الْعَالِي بِالْعَنْعَنَةِ.

قَوْلُهُ: سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ أَيْ صَادَفَهُ وَعَثَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَظَفِرَ بِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي رِوَايَةِ سَقَطَ إِلَى بَعِيرِهِ أَيِ انْتَهَى إِلَيْهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: وَقَدْ أَضَلَّهُ، أَيْ ذَهَبَ مِنْهُ بِغَيْرِ قَصْدِهِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَضْلَلْتُ بَعِيرِي أَيْ ذَهَبَ مِنِّي وَضَلَلْتُ بَعِيرِي أَيْ لَمْ أَعْرِفْ مَوْضِعَهُ.

قَوْلُهُ: بِفَلَاةٍ أَيْ مَفَازَةٍ إِلَى هُنَا انْتَهَتْ رِوَايَةُ قَتَادَةَ: وَزَادَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ فِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَانْفَلَتَت مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا بِهَا قَائِمَةٌ عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ. أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ قَالَ عِيَاضٌ: فِيهِ أَنَّ مَا قَالَهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مِثْلِ هَذَا فِي حَالِ دَهْشَتِهِ وَذُهُولِهِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، وَكَذَا حِكَايَتُهُ عَنْهُ عَلَى طَرِيقٍ عِلْمِيٍّ وَفَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا عَلَى الْهَزْلِ وَالْمُحَاكَاةِ وَالْعَبَثِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حِكَايَةُ النَّبِيِّ Object ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مُنْكَرًا مَا حَكَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ أَبِي جمرة: وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ سَفَرِ الْمَرْءِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْرِبُ الشَّارِعُ الْمَثَلَ إِلَّا بِمَا يَجُوزُ وَيُحْمَلُ حَدِيثُ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ جَمْعًا، وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ حِكْمَةُ النَّهْيِ، قُلْتُ: وَالْحَصْرُ الْأَوَّلُ مَرْدُودٌ، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ تُؤَكِّدُ النَّهْيَ. قَالَ: وَفِيهِ تَسْمِيَةُ الْمَفَازَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَا يُؤْكَلُ، وَلَا يُشْرَبُ مَهْلَكَةً، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ رَكَنَ إِلَى مَا سِوَى اللَّهِ يُقْطَعُ بِهِ أَحْوَجُ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ مَا نَامَ فِي الْفَلَاةِ وَحْدَهُ إِلَّا رُكُونًا إِلَى مَا مَعَهُ مِنَ الزَّادِ، فَلَمَّا اعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ خَانَهُ، لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ لَطَفَ بِهِ وَأَعَادَ عَلَيْهِ ضَالَّتَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ:

مَنْ سَرَّهُ أَنْ لَا يَرَى مَا يَسُوؤهُ … فَلَا يَتَّخِذْ شَيْئًا يَخَافُ لَهُ فَقْدًا.

قَالَ: وَفِيهِ أَنَّ فَرَحَ الْبَشَرِ وَغَمَّهُمْ إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا جَرَى بِهِ أَثَرُ الْحِكْمَةِ مِنَ الْعَوَائِدِ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حُزْنَ الْمَذْكُورِ إِنَّمَا كَانَ عَلَى ذَهَابِ رَاحِلَتِهِ لِخَوْفِ الْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ فَقْدِ زَادِهِ وَفَرَحَهُ بِهَا، إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ وِجْدَانِهِ مَا فَقَدَ مِمَّا تُنْسَبُ الْحَيَاةُ إِلَيْهِ فِي الْعَادَةِ، وَفِيهِ بَرَكَةُ الِاسْتِسْلَامِ لِأَمْرِ اللَّهِ ; لِأَنَّ الْمَذْكُورَ لَمَّا أَيِسَ مِنْ وِجْدَانِ رَاحِلَتِهِ اسْتَسْلَمَ لِلْمَوْتِ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِرَدِّ ضَالَّتِهِ، وَفِيهِ ضَرْبُ الْمَثَلِ بِمَا يَصِلُ إِلَى الْأَفْهَامِ مِنَ الْأُمُورِ الْمَحْسُوسَةِ وَالْإِرْشَادُ إِلَى الْحَضِّ عَلَى مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ، وَاعْتِبَارُ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى بَقَاءِ نِعْمَةِ الْإِيمَانِ.

٥ - بَاب الضَّجْعِ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ

٦٣١٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ