للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَوْلُهُ ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ﴾ الْآيَةَ، وَهَذَا فِي سَفَرِ الْغَزْوِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِسَفَرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَوْلُهُ - تَعَالَى - ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾.

قَوْلُهُ (وَنَصَرَ عَبْدَهُ) يُرِيدُ نَفْسَهُ. قَوْلُهُ (وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْأَحْزَابِ هُنَا، فَقِيلَ: هُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ وَالْيَهُودِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا أَيْ تَجَمَّعُوا فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَنَزَلَتْ فِي شَأْنِهِمْ سُورَةُ الْأَحْزَابِ وَقَدْ مَضَى خَبَرُهُمْ مُفَصَّلًا فِي كِتَابِ الْمَغَازِي، وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، وَقِيلَ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ إِنَّمَا شُرِعَ مِنْ بَعْدِ الْخَنْدَقِ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ غَزَوَاتِ النَّبِيِّ ﷺ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا بِنَفْسِهِ مَحْصُورَةٌ، وَالْمُطَابِقُ مِنْهَا لِذَلِكَ غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ؛ لِظَاهِرِ قَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾، وَفِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ ﴿إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ الْآيَةَ. وَالْأَصْلُ فِي الْأَحْزَابِ أَنَّهُ جَمْعُ حِزْبٍ وَهُوَ الْقِطْعَةُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنَ النَّاسِ، فَاللَّامُ إِمَّا جِنْسِيَّةٌ، وَالْمُرَادُ كُلُّ مَنْ تَحَزَّبَ مِنَ الْكُفَّارِ، وَإِمَّا عَهْدِيَّةٌ، وَالْمُرَادُ مَنْ تَقَدَّمَ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخَبَرُ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ، أَيِ اللَّهُمَّ اهْزِمِ الْأَحْزَابَ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.

٥٣ - بَاب الدُّعَاءِ لِلْمُتَزَوِّجِ

٦٣٨٦ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ ﷺ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: مَهْيَمْ - أَوْ مَهْ - قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.

٦٣٨٧ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ ﵁ قَالَ: هَلَكَ أَبِي وَتَرَكَ سَبْعَ - أَوْ تِسْعَ - بَنَاتٍ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: ثَيِّب، قَالَ: هَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ، أَوْ تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ؟ قُلْتُ: هَلَكَ أَبِي فَتَرَكَ سَبْعَ - أَوْ تِسْعَ - بَنَاتٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ: فَبَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ. لَمْ يَقُلْ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو: بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ.

قَوْلُهُ (بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمُتَزَوِّجِ) فِيهِ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي تَزْوِيجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَالْمُرَادُ هُنَا قَوْلُهُ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَقَوْلُهُ فَقَالَ مَهْيَمْ أَوْ مَهْ، شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ الْجَزْمُ بِالْأَوَّلِ، وَمَعْنَاهُ مَا حَالُكَ، وَمَهْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ اسْتِفْهَامِيَّةٌ انْقَلَبَتِ الْأَلِفُ هَاءً.

وحَدِيثُ جَابِرٍ فِي تَزْوِيجِهِ الثَّيِّبَ وَفِيهِ هَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ أيضا فِي النِّكَاحِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِيهِ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَقَوْلُهُ فِيهِ تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ انْتَصَبَ عَلَى حَذْفِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ أَتَزَوَّجْتَ، وَقَوْلُهُ فِي الْجَوَابِ قُلْتُ ثَيِّبٌ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ مَثَلًا الَّتِي تَزَوَّجْتُهَا ثَيِّبٌ، قِيلَ: وَكَانَ الْأَحْسَنُ النَّصْبَ عَلَى نَسْقِ الْأَوَّلِ أَيْ تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا. قُلْتُ: وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا فَكُتِبَ بِغَيْرِ أَلِفٍ عَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ.

وَقَوْلُهُ فِيهِ أَوْ