للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَتِسْعِينَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً وَهُوَ مُطَابِقٌ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِلْمَاعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ كَانَ ابْنَ أَرْبَعٍ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا صَرِيحًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ بَعْدَ التَّتَبُّعِ التَّامِّ، إِلَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ مَأْخُوذًا مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الِاسْتِيعَابِ إِنَّهُ عَقَلَ الْمَجَّةَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ خَمْسٍ، وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى هَذَا التَّرَدُّدِ قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ إِنَّهُ كَانَ ابْنَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ لَمَّا مَاتَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ لِصِحَّةِ إِسْنَادِهِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِدِيِّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ إِنْ صَحَّ عَلَى أَنَّهُ أَلْغَى الْكَسْرَ وَجَبَرَهُ غَيْرُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا تَحَرَّرَ هَذَا فَقَدِ اعْتَرَضَ الْمُهَلَّبُ عَلَى الْبُخَارِيِّ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا حَدِيثَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي رُؤْيَتِهِ وَالِدَهُ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَمُرَاجَعَتِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَفِيهِ السَّمَاعُ مِنْهُ، وَكَانَ سِنُّهُ إِذْ ذَاكَ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعًا، فَهُوَ أَصْغَرُ مِنْ مَحْمُودٍ. وَلَيْسَ فِي قِصَّةِ مَحْمُودٍ ضَبْطُهُ لِسَمَاعِ شَيْءٍ، فَكَانَ ذِكْرُ حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَوْلَى لِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ. وَأَجَابَ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ إِنَّمَا أَرَادَ نَقْلَ السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ لَا الْأَحْوَالِ الْوُجُودِيَّةِ، وَمَحْمُودٌ نَقَلَ سُنَّةً مَقْصُودَةً فِي كَوْنِ النَّبِيِّ Object مَجَّ مَجَّةً فِي وَجْهِهِ، بَلْ فِي مُجَرَّدِ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهُ فَائِدَةٌ شَرْعِيَّةٌ تُثْبِتُ كَوْنَهُ صَحَابِيًّا. وَأَمَّا قِصَّةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَيْسَ فِيهَا نَقْلُ سُنَّةٍ مِنَ السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ حَتَّى تَدْخُلَ فِي هَذَا الْبَابِ. ثُمَّ أَنْشَدَ

وَصَاحِبُ الْبَيْتِ أَدْرَى بِالَّذِي فِيهِ

انْتَهَى. وَهُوَ جَوَابٌ مُسَدَّدٌ. وَتَكْمِلَتُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِلَفْظِ السَّمَاعِ فِي التَّرْجَمَةِ هُوَ أَوْ مَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ نَقْلِ الْفِعْلِ أَوِ التَّقْرِيرِ، وَغَفَلَ الْبَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ، فَقَالَ: يَحْتَاجُ الْمُهَلَّبُ إِلَى ثُبُوتِ أَنَّ قِصَّةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ صَحِيحَةٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، انْتَهَى. وَالْبُخَارِيُّ قَدْ أَخْرَجَ قِصَّةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ الْمَذْكُورَةَ فِي مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ فِي الصَّحِيحِ، فَالْإِيرَادُ مُوَجَّهٌ وَقَدْ حَصَلَ جَوَابُهُ. وَالْعَجَبُ مِنْ مُتَكَلِّمٍ عَلَى كِتَابِ يَغْفُلُ عَمَّا وَقَعَ فِيهِ فِي الْمَوَاضِعِ الْوَاضِحَةِ وَيَعْتَرِضُهَا بِمَا يُؤَدِّي إِلَى نَفْيِ وُرُودِهَا فِيهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ دَلْوٍ) زَادَ النَّسَائِيُّ: مُعَلَّقٍ وَلِابْنِ حِبَّانَ مُعَلَّقَةٍ وَالدَّلْوُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الرِّقَاقِ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ: مِنْ دَلْوٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ وَلَهُ فِي الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهِمَا: مِنْ بِئْرٍ بَدَلَ دَلْوٍ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَاءَ أُخِذَ بِالدَّلْوِ مِنَ الْبِئْرِ وَتَنَاوَلَهُ النَّبِيُّ Object مِنَ الدَّلْوِ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ جَوَازُ إِحْضَارِ الصِّبْيَانِ مَجَالِسَ الْحَدِيثِ وَزِيَارَةُ الْإِمَامِ أَصْحَابَهُ فِي دُوِرِهِمْ وَمُدَاعَبَتُهُ صِبْيَانَهُمْ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى تَسْمِيعِ مَنْ يَكُونُ ابْنَ خَمْسٍ، وَمَنْ كَانَ دُونَهَا يُكْتَبُ لَهُ حُضُورٌ. وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ وَلَا فِي تَبْوِيبِ الْبُخَارِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَلِ الَّذِي يَنْبَغِي فِي ذَلِكَ اعْتِبَارُ الْفَهْمِ، فَمَنْ فَهِمَ الْخِطَابَ سَمِعَ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ابْنِ خَمْسٍ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِتَحْدِيدِ الْخَمْسِ أَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ، لَا أَنَّ بُلُوغَهَا شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَرِيبٌ مِنْهُ ضَبْطُ الْفُقَهَاءِ سِنَّ التَّمْيِيزِ بِسِتٍّ أَوْ سَبْعٍ، وَالْمُرَجَّحُ أَنَّهَا مَظِنَّةٌ لَا تَحْدِيدٌ. وَمِنْ أَقْوَى مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ فِي أَنَّ الْمَرَدَّ فِي ذَلِكَ إِلَى الْفَهْمِ فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ مَا أَوْرَدَهُ الْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ: ذَهَبْتُ بِابْنِي - وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ - إِلَى ابْنِ جُرَيْجٍ فَحَدَّثَهُ، قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: وَلَا بَأْسَ بِتَعْلِيمِ الصَّبِيِّ الْحَدِيثَ وَالْقُرْآنَ وَهُوَ فِي هَذَا السِّنِّ، يَعْنِي إِذَا كَانَ فَهِمًا.

وَقِصَّةُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُقْرِي الْحَافِظِ فِي تَسْمِيعِهِ لِابْنِ أَرْبَعٍ بَعْدَ أَنِ امْتَحَنَهُ بِحِفْظِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ مَشْهُورَةٌ.

١٩ - بَاب الْخُرُوجِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ

وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ

٧٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ قَاضِي حِمْصَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ:، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فِي