للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَادَتَهُمْ عَرَفَ أَنَّ الْحَجَرَ وَاحِدُ الْحِجَارَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَجَاعَةَ تَعْتَرِيهِمْ كَثِيرًا فَإِذَا خَوَى بَطْنُهُ لَمْ يُمْكِنْ مَعَهُ الِانْتِصَابُ، فَيَعْمِدُ حِينَئِذٍ إِلَى صَفَائِحَ رِقَاقٍ فِي طُولِ الْكَفِّ، أَوْ أَكْبَرَ فَيَرْبِطُهَا عَلَى بَطْنه وَتُشَدُّ بِعِصَابَةٍ فَوْقَهَا، فَتَعْتَدِلُ قَامَتُهُ بَعْضَ الِاعْتِدَالِ، وَالِاعْتِمَادُ بِالْكَبِدِ عَلَى الْأَرْضِ مِمَّا يُقَارِبُ ذَلِكَ. قُلْتُ: سَبَقَهُ إِلَى الْإِنْكَارِ الْمَذْكُورِ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، فَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ كَلَامَهُ وَتَعَقُّبَهُ فِي بَابِ التَّنْكِيلِ لِمَنْ أَرَادَ الْوِصَالَ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ.

قَوْلُهُ: (وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ) الضَّمِيرُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ كَانَ طَرِيقُ مَنَازِلِهِمْ إِلَى الْمَسْجِدِ مُتَّحِدَةً.

قَوْلُهُ: (فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مِنَ الشِّبَعِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لِيَسْتَتْبِعَنِي بِمُهْمَلَةٍ وَمُثَنَّاتَيْنِ وَمُوَحَّدَةٍ؛ أَيْ يَطْلُبُ مِنِّي أَنْ أَتْبَعَهُ لِيُطْعِمَنِي، وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ وَأَكْثَرِ الرُّوَاةِ.

قَوْلُهُ: (فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ)؛ أَيِ الْإِشْبَاعَ أَوْ الِاسْتِتْبَاعَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى مَرَّ بِي عُمَرُ) يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ اسْتَمَرَّ فِي مَكَانِهِ بَعْدَ ذَهَابِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى أَنْ مَرَّ عُمَرُ، وَوَقَعَ فِي قِصَّةِ عُمَرَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي قَوْلِهِ: لِيُشْبِعَنِي نَظِيرُ مَا وَقَعَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ: فَدَخَلَ دَارَهُ وَفَتَحَهَا عَلَيَّ؛ أَيْ قَرَأَ الَّذِي اسْتَفْهَمْتُهُ عَنْهُ، وَلَعَلَّ الْعُذْرَ لِكُلٍّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ حَمْلُ سُؤَالِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَاهِرِهِ، أَوْ فَهِمَا مَا أَرَادَهُ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا إِذْ ذَاكَ مَا يُطْعِمَانِهِ، لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ مِنَ الزِّيَادَةِ أَنَّ عُمَرَ تَأَسَّفَ عَلَى عَدَمِ إِدْخَالِهِ أَبَا هُرَيْرَةَ دَارَهُ وَلَفْظُهُ: فَلَقِيتُ عُمَرَ، فَذَكَرْتُ لَهُ وَقُلْتُ لَهُ: وَلَّى اللَّهُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ يَا عُمَرُ، وَفِيهِ: قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَكُونَ أَدْخَلْتُكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي حُمُرُ النَّعَمِ، فَإِنَّ فِيهِ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُطْعِمُهُ إِذْ ذَاكَ فَيُرَجَّحُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَا رَمَزَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ كِنَايَتِهِ بِذَلِكَ عَنْ طَلَبِ مَا يُؤْكَلُ، وَقَدِ اسْتَنْكَرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا ثُبُوتَ هَذَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لِاسْتِبْعَادِ مُوَاجَهَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ، لِعُمَرَ بِذَلِكَ، وَهُوَ اسْتِبْعَادٌ مُسْتَبْعَدٌ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي)، اسْتَدَلَّ أَبُو هُرَيْرَةَ بِتَبَسُّمِهِ ﷺ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ مَا بِهِ؛ لِأَنَّ التَّبَسُّمَ تَارَةً يَكُونُ لِمَا يُعْجِبُ، وَتَارَةً يَكُونُ لِإِينَاسِ مَنْ تَبَسَّمَ إِلَيْهِ، وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْحَالُ مُعْجِبَةً، فَقَوِيَ الْحَمْلُ عَلَى الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (وَمَا فِي وَجْهِي) كَأَنَّهُ عَرَفَ مِنْ حَالِ وَجْهِهِ مَا فِي نَفْسِهِ مِنِ احْتِيَاجِهِ إِلَى مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَرَوْحٍ: وَعَرَفَ مَا فِي وَجْهِي أَوْ نَفْسِي بِالشَّكِّ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ) فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَقَالَ أَبُو هِرٍّ، وَفِي رِوَايَةِ رَوْحٍ فَقَالَ أَبَا هِرٍّ، فَأَمَّا النَّصْبُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الرَّفْعُ فَهُوَ عَلَى لُغَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ لَفْظَ الْكُنْيَةِ، أَوْ هُوَ لِلِاسْتِفْهَامِ؛ أَيْ أَنْتَ أَبُو هِرٍّ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُ: هِرٍّ فَهُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَهُوَ مِنْ رَدِّ الِاسْمِ الْمُؤَنَّثِ إِلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُصَغَّرِ إِلَى الْمُكَبَّرِ، فَإِنَّ كُنْيَتَهُ فِي الْأَصْلِ أَبُو هُرَيْرَةَ تَصْغِيرُ هِرَّةٍ مُؤَنَّثًا، وَأَبُو هِرٍّ مُذَكَّرٌ مُكَبَّرٌ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ تَخْفِيفُ الرَّاءِ مُطْلَقًا فَعَلَى هَذَا يُسَكَّنُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَيْ أَنْتَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَقَدْ ذَكَرْتُ تَوْجِيهَهُ قَبْلُ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ) كَذَا فِيهِ بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ.

قَوْلُهُ: (اِلْحَقْ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ، وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ؛ أَيِ اتْبَعْ.

قَوْلُهُ: (وَمَضَى فَاتَّبَعْتُهُ) زَادَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَلَحِقْتُهُ.

قَوْلُهُ: (فَدَخَلَ) زَادَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ إِلَى أَهْلِهِ.

قَوْلُهُ: (فَأَسْتَأْذِن) بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْفَاءِ وَالنُّونُ مَضْمُومَةٌ فِعْلُ مُتَكَلِّمٍ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي التَّحَقُّقِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَيُونُسَ وَغَيْرِهِمَا فَاسْتَأْذَنْتُ.

قَوْلُهُ: (فَأَذِنَ لِي فَدَخَلَ) كَذَا فِيهِ وَهُوَ إِمَّا تَكْرَارٌ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ؛ لِوُجُودِ الْفَصْلِ أَوِ الْتِفَاتٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَدَخَلْتُ وَهِيَ وَاضِحَةٌ.

قَوْلُهُ: