للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ غَابَ عَنْهُ ثُمَّ رَآهُ فَعَرَفَهُ قَالَ عِيَاضٌ: فِي هَذَا الْكَلَامِ تَلْفِيقٌ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ: وَأَنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ قَدْ نَسِيتُهُ، فَأَرَاهُ، فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ قَالَ: وَالصَّوَابُ كَمَا يَنْسَى الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ - أَوْ كَمَا لَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ - إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ، قُلْتُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي الْأَصْلَيْنِ مُسْتَقِيمَةٌ، وَتَقْدِيرُ مَا فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ أَنَّهُ يَرَى الشَّيْءَ الَّذِي كَانَ نَسِيَهُ، فَإِذَا رَآهُ عَرَفَهُ، وَقَوْلُهُ: كَمَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ غَابَ عَنْهُ، أَيِ الَّذِي كَانَ غَابَ عَنْهُ، فَنَسِيَ صُورَتَهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهَ عَرَفَهُ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ: إِنِّي لَأَرَى الشَّيْءَ نَسِيتُهُ فَأَعْرِفُهُ كَمَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إِلَخْ.

(تَنْبِيهٌ): أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ بِسَنَدِهِ إِلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ، ثُمَّ قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَصْحَابِي أَمْ تَنَاسَوْهُ، وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ قَائِدِ فِتْنَةٍ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا يَبْلُغُ مَنْ مَعَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ إِلَّا قَدْ سَمَّاهُ لَنَا، قُلْتُ: وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ آخَرَ مُسْتَقِلٍّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ عَلِيٍّ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ) بِمُهْمَلَةٍ وَزَايٍ، هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ السُّكَّرِيُّ.

قَوْلُهُ: عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، بِضَمِّ الْعَيْنِ، هُوَ السُّلَمِيُّ الْكُوفِيُّ، يُكَنَّى أَبَا حَمْزَةَ، وَكَانَ صِهْرَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ وَأَبُو عَبْدُ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَوَقَعَ مُسَمًّى فِي رِوَايَةِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عِنْدَ الْفِرْيَابِيِّ.

قَوْله (عَنْ عَلِيٍّ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْبُطَيْنِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ. أَخَذَ بِيَدِي عَلِيٌّ فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي حَتَّى جَلَسْنَا عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: قَالَ رَسُولُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا.

قَوْلُهُ: كُنَّا جُلُوسًا. فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ: كُنَّا قُعُودًا وَزَادَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ - بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ - فِي جِنَازَةٍ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا شَهِدُوا الْجِنَازَةَ، لَكِنْ أَخْرَجَهُ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، فَبَيَّنَ أَنَّهُمْ سَبَقُوا بِالْجِنَازَةِ، وَأَتَاهُمُ النَّبِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَفْظُهُ: كُنَّا فِي جِنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ.

قَوْلُهُ: وَمَعَهُ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ، فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: وَبِيَدِهِ عُودٌ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ، وَفِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ: وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ، وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ - هِيَ عَصًا أَوْ قَضِيبٌ يُمْسِكُهُ الرَّئِيسُ لِيَتَوَكَّأَ عَلَيْهِ، وَيَدْفَعُ بِهِ عَنْهُ، وَيُشِيرُ بِهِ لِمَا يُرِيدُ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُحْمَلُ تَحْتَ الْخِصْرِ غَالِبًا لِلِاتِّكَاءِ عَلَيْهَا، وَفِي اللُّغَةِ اخْتَصَرَ الرَّجُلُ إِذَا أَمْسَكَ الْمِخْصَرَةَ.

قَوْلُهُ: فَنَكَّسَ بِتَشْدِيدِ الْكَافِ أَيْ أَطْرَقَ.

قَوْلُهُ: فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، زَادَ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ: مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ، أَيْ مَصْنُوعَةٍ مَخْلُوقَةٍ، وَاقْتَصَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَمْزَةَ، وَالثَّوْرِيِّ عَلَى الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: إِلَّا قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ، أَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ مَا قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَلَفْظُهُ: إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مَقْعَدَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ: إِلَّا كُتِبَ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَزَادَ فِيهَا: وَإِلَّا وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً، وَإِعَادَةُ إِلَّا، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا مِنْ نَفْسٍ بَدَلَ مَا مِنْكُمْ، وَإِلَّا الثَّانِيَةُ بَدَلًا مِنَ الْأُولَى، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ، فَيَكُونُ فِيهِ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، وَالثَّانِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنَ الْأَوَّلِ أَشَارَ إِلَيْهِ الْكَرْمَانِيُّ.

قَوْلُهُ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ) فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ فَقَالُوا.