للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ لَأَنَا.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ أَيِ ابْنِ زُهْرَةَ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ مِنْ رَهْطِ الصِّدِّيقِ.

قَوْلُهُ: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) تَقَدَّمَ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا السَّنَدِ فِي آخِرِ مَنَاقِبِ عُمَرَ، فَذَكَرْتُ هُنَاكَ نَسَبَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ وَبَعْضَ حَالِهِ، وَتَقَدَّمَ لَهُ ذِكْرٌ فِي الشَّرِكَةِ وَالدَّعَوَاتِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا نَفْسِي) اللَّامُ لِتَأْكِيدِ الْقَسَمِ الْمُقَدَّرِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْتَ إِلَخْ.

قَوْلُهُ: (لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ) أَيْ لَا يَكْفِي ذَلِكَ لِبُلُوغِ الرُّتْبَةِ الْعُلْيَا حَتَّى يُضَافَ إِلَيْهِ مَا ذُكِرَ. وَعَنْ بَعْضِ الزُّهَّادِ: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ لَا تَصْدُقُ فِي حُبِّي حَتَّى تُؤْثِرَ رِضَايَ عَلَى هَوَاكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْهَلَاكُ. وَقَدْ قَدَّمْتُ تَقْرِيرَ هَذَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الْآنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ : الْآنَ يَا عُمَرُ) قَالَ الدَّاوُدِيُّ: وُقُوفُ عُمَرَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَاسْتِثْنَاؤُهُ نَفْسَهُ إِنَّمَا اتَّفَقَ حَتَّى لَا يَبْلُغَ ذَلِكَ مِنْهُ فَيَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا، فَلَمَّا قَالَ لَهُ مَا قَالَ تَقَرَّرَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ فَحَلَفَ كَذَا قَالَ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: حُبُّ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ طَبْعٌ، وَحُبُّ غَيْرِهِ اخْتِيَارٌ بِتَوَسُّطِ الْأَسْبَابِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ حُبَّ الِاخْتِيَارِ إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى قَلْبِ الطِّبَاعِ وَتَغْيِيرِهَا عَمَّا جُبِلَتْ عَلَيْهِ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا فَجَوَابُ عُمَرَ أَوَّلًا كَانَ بِحَسَبِ الطَّبْعِ، ثُمَّ تَأَمَّلَ فَعَرَفَ بِالِاسْتِدْلَالِ أَنَّ النَّبِيَّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ السَّبَبَ فِي نَجَاتِهَا مِنَ الْمُهْلِكَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى فَأَخْبَرَ بِمَا اقْتَضَاهُ الِاخْتِيَارُ، وَلِذَلِكَ حَصَلَ الْجَوَابُ بِقَوْلِهِ: الْآنَ يَا عُمَرُ أَيِ الْآنَ عَرَفْتَ فَنَطَقْتَ بِمَا يَجِبُ.

وَأَمَّا تَقْرِيرُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ الْآنَ صَارَ إِيمَانُكَ مُعْتَدًّا بِهِ، إِذِ الْمَرْءُ لَا يُعْتَدُّ بِإِيمَانِهِ حَتَّى يَقْتَضِيَ عَقْلُهُ تَرْجِيحَ جَانِبِ الرَّسُولِ، فَفِيهِ سُوءُ أَدَبٍ فِي الْعِبَارَةِ، وَمَا أَكْثَرَ مَا يَقَعُ مِثْلُ هَذَا فِي كَلَامِ الْكِبَارِ عِنْدَ عَدَمِ التَّأَمُّلِ وَالتَّحَرُّزِ لِاسْتِغْرَاقِ الْفِكْرِ فِي الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ، فَلَا يَنْبَغِي التَّشْدِيدُ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ بَلْ يُكْتَفَى بِالْإِشَارَةِ إِلَى الرَّدِّ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهِ لِئَلَّا يَقَعَ الْمُنْكَرُ فِي نَحْوِ مِمَّا أَنْكَرَهُ.

٦٦٣٣، ٦٦٣٤ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ. قَالَ: تَكَلَّمْ، قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ - زَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَتَيْ شَاةٍ وَجَارِيَةٍ لِي. ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْحُدُودِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ : أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ وَسَقَطَتْ أَمَا وَهِيَ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ لِلِافْتِتَاحِ مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ.

الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ قَوْلُهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْجُعْفِيُّ وَفِي شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، لَكِنَّهُ لَمْ يُسَمِّ أَبَاهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَخْرَجَهَا إِمَّا يُكَنِّيهِ وَيُكَنِّي أَبَاهُ، أَوْ يُسَمِّيهِ وَيُكَنِّي أَبَاهُ، بِخِلَافِ الْجُعْفِيِّ فَإِنَّهُ يَنْسُبُهُ تَارَةً وَأُخْرَى لَا يَنْسُبُهُ كَهَذَا الْمَوْضِعِ، وَوَهْبٌ هُوَ ابْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ الضَّبِّيُّ، وَأَبُو بَكْرةَ هُوَ الثَّقَفِيُّ، وَالْإِسْنَادُ مِنْ وَهْبٍ فَصَاعِدًا بَصْرِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ أَسْلَمَ) أَيْ أَخْبِرُونِي، وَالْمُرَادُ بِأَسْلَمَ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهَا قَبَائِلُ مَشْهُورَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَائِلِ الْمَبْعَثِ النَّبَوِيِّ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِيهِ: فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَالْمُرَادُ خَيْرِيَّةُ الْمَجْمُوعِ عَلَى الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَفْضُولِينَ فَرْدٌ أَفْضَلَ مِنْ فَرْدٍ مِنَ الْأَفْضَلِينَ.

الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ قَوْلُهُ: اسْتَعْمَلَ عَامِلًا هُوَ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، ثُمَّ يَاءِ النَّسَبِ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَشَيْءٌ مِنْ شَرْحِهِ فِي الْهِبَةِ، وَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.

قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: وَقَدْ سَمِعَ مَعِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ النَّبِيِّ فَسَلُوهُ، قَدْ فَتَّشْتُ مُسْنَدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمْ أَجِدْ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِيهِ ذِكْرًا.

الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا،