للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَا أَدْرِي ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بَعْدَ قَرْنِهِ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ".

قَوْلُهُ: (بَابُ إِثْمِ مَنْ لَا يَفِي بِالنَّذْرِ)، كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لِغَيْرِهِ لَفْظُ: إِثْمِ، ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي خَيْرُ الْقُرُونِ، وَفِي سَنَدِهِ أَبُو جَمْرَةَ، وَهُوَ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ، وَاسْمُهُ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ، وَزَهْدَمٌ - بِمُعْجَمَةٍ أَوَّلُهُ وَزْنَ جَعْفَرٍ - ابْنُ مُضَرِّبٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الشَّهَادَاتِ، وَفِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ: يَنْذُرُونَ بِكَسْرِ الذَّالِ وَبِضَمِّهَا لُغَتَانِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَفُونَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَلَا يُوفُونَ، وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ، وَفِي أُخْرَى لَهُ كَالْأُولَى، وَهُمَا لُغَتَانِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤْتَمَنُونَ)، أَيْ: إِنَّهَا خِيَانَةٌ ظَاهِرَةٌ بِحَيْثُ لَا يَأْمَنُهُمْ أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ مَا مُلَخَّصُهُ: سَوَّى بَيْنَ مَنْ يَخُونُ أَمَانَتَهُ، وَمَنْ لَا يَفِي بِنَذْرِهِ، وَالْخِيَانَةُ مَذْمُومَةٌ فَيَكُونُ تَرْكُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ مَذْمُومًا، وَبِهَذَا تَظْهَرُ الْمُنَاسَبَةُ لِلتَّرْجَمَةِ. وَقَالَ الْبَاجِيُّ: سَاقَ مَا وَصَفَهُمْ بِهِ مَسَاقَ الْعَيْبِ وَالْجَائِزُ لَا يُعَابُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ.

٢٨ - بَاب النَّذْرِ فِي الطَّاعَةِ

﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾

٦٦٩٦ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ Object، عَنْ النَّبِيِّ Object، قَالَ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ.

[الحديث ٦٦٩٦ - ظرفه في ٦٧٠٠]

قَوْلُهُ: (بَابُ النَّذْرِ فِي الطَّاعَةِ)، أَيْ: حُكْمُهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَابٌ بِالتَّنْوِينِ، وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ: النَّذْرُ فِي الطَّاعَةِ حَصْرَ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ، فَلَا يَكُونُ نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ نَذْرًا شَرْعًا.

قَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ﴾ سَاقَ غَيْرُ أَبِي ذَرٍّ إِلَى قَوْلِهِ: مِنْ أَنْصَارٍ. وَذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ، مُشِيرًا إِلَى أَنَّ الَّذِي وَقَعَ الثَّنَاءُ عَلَى فَاعِلِهِ نَذْرُ الطَّاعَةِ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ)، هُوَ الْأَيْلِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ نَزِيلُ الْمَدِينَةِ، ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ مِنْ طَبَقَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالْقَاسِمُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّ طَلْحَةَ تَفَرَّدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْقَاسِمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ تَابَعَهُ أَيُّوبُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ، وَأَشَارَ التِّرْمِذِيُّ إِلَى رِوَايَةِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ، وَلَكِنْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ فَرَجَعَتْ رِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَى طَلْحَةَ وَرِوَايَةُ يَحْيَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ وَسَلِمَتْ رِوَايَةُ أَيُّوبَ مِنَ الِاخْتِلَافِ، وَهِيَ كَافِيَةٌ فِي رَدِّ دَعْوَى انْفِرَادِ طَلْحَةَ بِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُجَبَّرِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ عَنِ الْقَاسِمِ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ إِلَخْ، الطَّاعَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي وَاجِبٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ، وَيُتَصَوَّرُ النَّذْرُ فِي فِعْلِ الْوَاجِبِ بِأَنْ يُؤَقِّتَهُ، كَمَنْ يَنْذُرُ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا أَقَّتَهُ، وَأَمَّا الْمُسْتَحَبُّ مِنْ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ فَيَنْقَلِبُ بِالنَّذْرِ وَاجِبًا وَيَتَقَيَّدُ بِمَا قَيَّدَهُ بِهِ