للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلِثَالِثٍ مِنْ بَعْدِ ذَا ثُلُثُ الَّذِي يَبْقَى وَمَا يَبْقَى نَصِيبُ الرَّابِعِ

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ، وَوَجْهُ تَعَلُّقِهِ بِالْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ الْفَرْضِ يُصْرَفُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ لِلْمَيِّتِ فَكَانَ الْجَدُّ أَقْرَبَ فَيُقَدَّمُ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ شَرِكَ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْمَيِّتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَنْفَرِدُ بِالْوَلَاءِ، وَلِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَلَدِ فِي حَجْبِ الْأُمِّ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ، وَلِأَنَّ الْجَدَّ إِنَّمَا يُدْلِي بِالْمَيِّتِ وَهُوَ وَلَدُ ابْنِهِ وَالْأَخُ يُدْلِي بِالْمَيِّتِ وَهُوَ وَلَدُ أَبِيهِ وَالِابْنُ أَقْوَى مِنَ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ يَنْفَرِدُ بِالْمَالِ وَيَرُدُّ الْأَبَ إِلَى السُّدُسِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَبُ فَتَعْصِيبُ الْأَخِ تَعْصِيبُ بُنُوَّةٍ، وَتَعْصِيبُ الْجَدِّ تَعْصِيبُ أُبُوَّةٍ، وَالْبُنُوَّةُ أَقْوَى مِنَ الْأُبُوَّةِ فِي الْإِرْثِ، وَلِأَنَّ الْأُخْتَ فَرْضُهَا النِّصْفُ إِذَا انْفَرَدَتْ فَلَمْ يُسْقِطْهَا الْجَدُّ كَالْبِنْتِ، وَلِأَنَّ الْأَخَ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ بِخِلَافِ الْجَدِّ فَامْتَنَعَ مِنْ قُوَّةِ تَعْصِيبِهِ عَلَيْهِ أَنْ يَسْقُطَ بِهِ.

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: الْجَدُّ أَصْلٌ وَلَكِنَّ الْأَخَ فِي الْمِيرَاثِ أَقْوَى سَبَبًا مِنْهُ; لِأَنَّهُ يُدْلِي بِوِلَايَةِ الْأَبِ فَالْوِلَادَةُ أَقْوَى الْأَسْبَابِ فِي الْمِيرَاثِ، فَإِنْ قَالَ الْجَدُّ وَأَنَا أَيْضًا وَلَدْتُ الْمَيِّتَ قِيلَ لَهُ: إِنَّمَا وَلَدْتَ وَالِدَهُ، وَأَبُوهُ وَلَدَ الْإِخْوَةَ فَصَارَ سَبَبُهُمْ قَوِيًّا وَوَلَدُ الْوَلَدِ لَيْسَ وَلَدًا إِلَّا بِوَاسِطَةٍ، وَإِنْ شَارَكَهُ فِي مُطْلَقِ الْوَلَدِيَّةِ.

ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا فِي فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْمَنَاقِبِ، وَقَوْلُهُ: أَفْضَلُ أَوْ قَالَ خَيْرٌ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنْزَلَهُ أَبًا أَوْ قَالَ قَضَاهُ أَبًا.

١٠ - باب مِيرَاثِ الزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ

٦٧٣٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ Object قَالَ: كَانَ الْربع لِلْوَلَدِ وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مِيرَاثِ الزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ) أَيْ مِنَ الْوَارِثِينَ فَلَا يَسْقُطُ الزَّوْجُ بِحَالٍ، وَإِنَّمَا يَحُطُّهُ الْوَلَدُ عَنِ النِّصْفِ إِلَى الرُّبُعِ.

ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ الْمَالُ - أَيِ الْمُخَلَّفُ عَنِ الْمَيِّتِ - لِلْوَلَدِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ الْحَدِيثَ، وقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوَصَايَا وَذَكَرْتُ شَرْحَهُ هُنَاكَ مُسْتَوْفًى سَنَدًا وَمَتْنًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: اسْتِشْهَادُ الْبُخَارِيِّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا مَعَ أَنَّ الدَّلِيلَ مِنَ الْآيَةِ وَاضِحٌ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى تَقْرِيرِ سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ، وَأَنَّهَا عَلَى ظَاهِرِهَا غَيْرُ مُؤَوَّلَةٍ وَلَا مَنْسُوخَةٌ، وَأَفَادَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ فِي الْآيَةِ الَّتِي نَسَخَتْهَا وَهِيَ: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ﴾ إِشَارَةً إِلَى اسْتِمْرَارِهَا ; فَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الدَّوَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ حَيْثُ قَالَ فِي الْآيَةِ الْمَنْسُوخَةِ الْحُكْمَ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ الْآيَةَ.

قَوْلُهُ: (وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ) أَفَادَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي إِعْطَاءِ الْوَالِدَيْنِ ذَلِكَ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا لِيَسْتَمِرَّا فِيهِ فَلَا يُجْحِفُ بِهِمَا إِنْ كَثُرَتِ الْأَوْلَادُ مَثَلًا، وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ أَوِ الْإِخْوَةِ لِمَا يَسْتَحِقُّهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنَ التَّرْبِيَةِ وَنَحْوِهَا، وَفَضْلُ الْأَبِ عَلَى الْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ لِمَا لِلْأَبِ مِنَ الِامْتِيَازِ بِالْإِنْفَاقِ وَالنُّصْرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَعُوِّضَتِ الْأُمُّ عَنْ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْوَلَدِ بِتَفْضِيلِهَا عَلَى الْأَبِ فِي الْبِرِّ فِي حَالِ حَيَاةِ الْوَلَدِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْأَبَ حَجَبَ الْإِخْوَةَ وَأَخَذَ سِهَامَهُمْ ; لِأَنَّهُ يَتَوَلَّى إِنْكَاحَهُمْ وَالْإِنْفَاقَ عَلَيْهِمْ دُونَ الْأُمِّ.