للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٧٤٧ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ إِدْرِيسُ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْأَنْصَارِيُّ الْمُهَاجِرِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ بَيْنَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ قَالَ: نَسَخَتْهَا وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ.

قَوْلُهُ: (بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ) أَيْ بَيَانِ حُكْمِهِمْ هَلْ يَرِثُونَ أَوْ لَا؟ وَهُمْ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ: الْخَالُ، وَالْخَالَة، وَالْجَدُّ لِلْأُمِّ، وَوَلَدُ الْبِنْتِ، وَوَلَدُ الْأُخْتِ، وَبِنْتُ الْأَخِ، وَبِنْتُ الْعَمِّ، وَالْعَمَّةُ، وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَابْنُ الْأَخِ لِلْأُمِّ، وَمَنْ أَدْلَى بِأَحَدٍ مِنْهُمْ، فَمَنْ وَرَّثَهُمْ قَالَ: أَوْلَاهُمْ أَوْلَادُ الْبِنْتِ، ثُمَّ أَوْلَادُ الْأُخْتِ وَبَنَاتُ الْأَخِ، ثُمَّ الْعَمُّ وَالْعَمَّةُ وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ، وَإِذَا اسْتَوَى اثْنَانِ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ إِلَى صَاحِبِ فَرْضٍ أَوْ عَصَبَةٍ.

قَوْلُهُ: (إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهْوَيْهِ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَكُمْ إِدْرِيسُ) أَيِ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ، وَطَلْحَةُ شَيْخُهُ هُوَ ابْنُ مُصَرِّفٍ، وَقَدْ نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ رِوَايَةِ الصَّلْتِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: سَمِعَ إِدْرِيسُ مِنْ طَلْحَةَ، وَأَبُو أُسَامَةَ مِنْ إِدْرِيسَ، وَقَدْ صَرَّحَ هُنَا بِالثَّانِي. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَنِي إِدْرِيسُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ الْهَنْجَانِيِّ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَكَذَا عِنْدَ الطَّبَرِيِّ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ.

قَوْلُهُ: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ). قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْأَنْصَارِيُّ الْمُهَاجِرِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ قَالَ: نَسَخَتْهَا وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: كَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ نَسَخَتْهَا وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَنْسُوخَةَ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالنَّاسِخَةَ ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ قَالَ: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ بَيَانُ ذَلِكَ وَلَفْظُهُ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ نُسِخَتْ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَفَالَةِ التَّفْسِيرُ مِنْ رِوَايَةِ الصَّلْتِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ مِثْلُ مَا عَزَاهُ لِلطَّبَرِيِّ، فَكَانَ عَزْوُهُ إِلَى مَا فِي الْبُخَارِيِّ أَوْلَى، مَعَ أَنَّ فِي سِيَاقِهِ فَائِدَةً أُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ وَرَثَةً، فَأَفَادَ تَفْسِيرَ الْمَوَالِي بِالْوَرَثَةِ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ ابْتِدَاءُ شَيْءٍ يُرِيدُ أَنْ يُفَسِّرَهُ أَيْضًا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الصَّلْتِ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ وَبَقِيَ قَوْلُهُ نَسَخَتْهَا مُشْكِلًا كَمَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ.

وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ فَقَالَ: الضَّمِيرُ فِي نَسَخَتْهَا عَائِدٌ عَلَى الْمُؤَاخَاةِ لَا عَلَى الْآيَةِ، وَالضَّمِيرُ فِي نَسَخَتْهَا وَهُوَ الْفَاعِلُ الْمُسْتَتِرُ يَعُودُ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ وَقَوْلُهُ: وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ، وَأَصْلُ الْكَلَامِ لَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ نَسَخَتْ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: فَاعِلُ نَسَخَتْهَا آيَةُ: جَعَلْنَا، وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ أَعْنِي.

قُلْتُ: وَوَقَعَ فِي سِيَاقِهِ هُنَا أَيْضًا مَوْضِعٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: يَرِثُ الْأَنْصَارِيُّ الْمُهَاجِرِيَّ، وَتَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ الصَّلْتِ بِالْعَكْسِ، وَأَجَابَ عَنْهُ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِثْبَاتُ الْوِرَاثَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْجُمْلَةِ.

قُلْتُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقْرَأَ الْأَنْصَارِيَّ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ فَتَتَّحِدُ الرِّوَايَتَانِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الصَّلْتِ مَوْضِعٌ ثَالِثٌ مُشْكِلٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنَ النَّصْرِ إِلَخْ، وَظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنَّ قَوْلَهُ مِنَ النَّصْرِ يَتَعَلَّقُ بِـ: عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ أَبُو كُرَيْبٍ فِي رِوَايَتِهِ،