للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنَّ قَعْنَبَ بْنَ مُحْرِزٍ رَوَاهُ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ، وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ سَلَمَةُ، وَمُجَالِدٌ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، عَنْ عَلِيٍّ) أَيْ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ، قَدْ طَعَنَ بَعْضُهُمْ كَالْحَازِمِيِّ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِأَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَلِيٍّ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: رَوَاهُ عِصَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ: عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ، وَكَذَا ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ قَعْنَبٍ الْمَذْكُورَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، وَجَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْإِسْنَادَيْنِ وَهْمٌ، وَبِأَنَّ الشَّعْبِيَّ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عَلِيٍّ قَالَ، وَلَمْ يَسْمَعْ عَنْهُ غَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ أَنَّ عَلِيًّا أُتِيَ بِامْرَأَةٍ زَنَتْ فَضَرَبَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَكَذَا عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَصِينٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ بِشُرَاحَةَ - وَهِيَ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ الْهَمْدَانِيَّةِ بِسُكُونِ الْمِيمِ - وَقَدْ فَجَرَتْ، فَرَدَّهَا حَتَّى وَلَدَتْ وَقَالَ: ائْتُونِي بِأَقْرَبِ النِّسَاءِ مِنْهَا فَأَعْطَاهَا الْوَلَدَ ثُمَّ رَجَمَهَا.

وَمِنْ طَرِيقِ حُصَيْنٍ بِالتَّصْغِيرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ بِمَوْلَاةٍ لِسَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ فَجَرَتْ، وَفِي لَفْظٍ: وَهِيَ حُبْلَى فَضَرَبَهَا مِائَةً ثُمَّ رَجَمَهَا، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ فِي تَفْسِيرِ سَنَيدِ بْنِ دَاوُدَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى إِلَى الشَّعْبِيِّ قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ بِشُرَاحَةَ فَقَالَ لَهَا: لَعَلَّ رَجُلًا اسْتَكْرَهَكِ، قَالَتْ: لَا، قَالَ: فَلَعَلَّهُ أَتَاكِ وَأَنْتِ نَائِمَةٌ؟ قَالَتْ: لَا. قَالَ: لَعَلَّ زَوْجَكِ مِنْ عَدُوِّنَا؟ قَالَتْ: لَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُبِسَتْ، فَلَمَّا وَضَعَتْ أَخْرَجَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ فَجَلَدَهَا مِائَةً ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى الْحَبْسِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ حَفَرَ لَهَا وَرَجَمَهَا.

وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الشَّعْبِيِّ: إنَّ عَلِيًّا لَمَّا وَضَعَتْ أَمَرَ لَهَا بِحُفْرَةٍ فِي السُّوقِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ أَنْ يَرْجُمَ الْإِمَامُ إِذَا كَانَ بِالِاعْتِرَافِ، فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ فَالشُّهُودُ ثُمَّ رَمَاهَا.

قَوْلُهُ: (رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ) زَادَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَجَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ فِي أَوَّلِهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ: قِيلَ لِعَلِيٍّ: جَمَعْتَ حَدَّيْنِ فَذَكَرَهُ. وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَجْلِدُهَا بِالْقُرْآنِ وَأَرْجُمُهَا بِالسُّنَّةِ.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ الْحَازِمِيُّ: ذَهَبَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَدَاوُدُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ يُجْلَدُ ثُمَّ يُرْجَمُ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ - وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا - لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَذَكَرُوا أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ مَنْسُوخٌ، يَعْنِي الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالنَّفْيُ، وَالنَّاسِخُ لَهُ مَا ثَبَتَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ أَنَّ النَّبِيَّ رَجَمَهُ وَلَمْ يُذْكَرِ الْجَلْدَ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَدَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْجَلْدَ ثَابِتٌ عَلَى الْبِكْرِ وَسَاقِطٌ عَنِ الثَّيِّبِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ مَاعِزٍ مُتَرَاخِيَةٌ عَنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ نَاسِخٌ لِمَا شُرِعَ أَوَّلًا مِنْ حَبْسِ الزَّانِي فِي الْبُيُوتِ، فَنُسِخَ الْحَبْسُ بِالْجَلْدِ وَزِيدَ الثَّيِّبَ الرَّجْمُ، وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ، ثُمَّ نُسِخَ الْجَلْدُ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ، وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنَ الِاقْتِصَارِ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ عَلَى الرَّجْمِ وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ وَالْجُهَنِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّيْنِ لَمْ يُذْكَرِ الْجَلْدُ مَعَ الرَّجْمِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: عَارَضَ بَعْضُهُمُ الشَّافِعِيَّ فَقَالَ: الْجَلْدُ ثَابِتٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَالرَّجْمُ ثَابِتٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ كَمَا قَالَ عَلِيٌّ، وَقَدْ ثَبَتَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ وَعَمِلَ بِهِ عَلِيٌّ وَوَافَقَهُ أُبَيٌّ، وَلَيْسَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ تَصْرِيحٌ بِسُقُوطِ الْجَلْدِ عَنِ الْمَرْجُومِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ تُرِكَ ذِكْرُهُ لِوُضُوحِهِ وَلِكَوْنِهِ الْأَصْلَ فَلَا يُرَدُّ مَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ بِالِاحْتِمَالِ، وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِنَظِيرِ هَذَا حِينَ عُورِضَ إِيجَابُهُ الْعُمْرَةَ بِأَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ مَنْ سَأَلَهُ أَنْ يَحُجَّ عَلَى أَبِيهِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْعُمْرَةَ، فَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ السُّكُوتَ عَنْ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِهِ، قَالَ: فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ هُنَا.

قُلْتُ: وَبِهَذَا أَلْزَمَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا الشَّافِعِيَّةَ، وَلَهُمْ أَنْ يَنْفَصِلُوا لَكِنْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ،