للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّهِ: هَلْ قَوْلُهُ: فَصَلَّى عَلَيْهِ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ قَالَ: رَوَاهُ مَعْمَرٌ، قِيلَ لَهُ: هَلْ رَوَاهُ غَيْرُ مَعْمَرٍ؟ قَالَ: لَا) وَقَعَ هَذَا الْكَلَامُ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْبُخَارِيُّ، وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَيْهِ فِي جَزْمِهِ بِأَنَّ مَعْمَرًا رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَعَ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ بِهَا إِنَّمَا هُوَ مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَدْ خَالَفَهُ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ الْحُفَّاظِ فَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، لَكِنْ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَوِيَتْ عِنْدَهُ رِوَايَةُ مَحْمُودٍ بِالشَّوَاهِدِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا وَهُوَ فِي السُّنَنِ لِأَبِي قُرَّةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ Object وَالنَّاسُ.

فَهَذَا الْخَبَرُ يَجْمَعُ الِاخْتِلَافَ فَتُحْمَلُ رِوَايَةُ النَّفْيِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ حِينَ رُجِمَ، وَرِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ عَلَى أَنَّهُ Object صَلَّى عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَكَذَا طَرِيقُ الْجَمْعِ؛ لِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ النَّبِيَّ Object لَمْ يَأْمُرْ بِالصَّلَاةِ عَلَى مَاعِزٍ وَلَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.

وَيَتَأَيَّدُ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي قِصَّةِ الْجُهَنِيَّةِ الَّتِي زَنَتْ وَرُجِمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ Object صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ لَوَسِعَتْهُمْ.

وَحَكَى الْمُنْذِرِيُّ قَوْلَ مَنْ حَمَلَ الصَّلَاةَ فِي الْخَبَرِ عَلَى الدُّعَاءِ، ثُمَّ قَالَ: فِي قِصَّةِ الْجُهَنِيَّةِ دَلَالَةٌ عَلَى تَوْهِينِ هَذَا الِاحْتِمَالِ، قَالَ: وَكَذَا أَجَابَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ: إِنَّهُ فَاسِدٌ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ وَلَا اضْطِرَارَ هُنَا.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ Object صَلَّى عَلَى مَاعِزٍ، قَالَ: وَأَجَابَ مَنْ مَنَعَ عَنْ صَلَاتِهِ عَلَى الْغَامِدِيَّةِ لِكَوْنِهَا عَرَفَتْ حُكْمَ الْحَدِّ وَمَاعِزٌ إِنَّمَا جَاءَ مُسْتَفْهِمًا، قَالَ: وَهُوَ جَوَابٌ وَاهٍ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ قَتَلَهُ غَضَبًا لِلَّهِ وَصَلَاتُهُ رَحْمَةٌ فَتَنَافَيَا، قَالَ: وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ الْغَضَبَ انْتَهَى، قَالَ: وَمَحَلُّ الرَّحْمَةِ بَاقٍ، وَالْجَوَابُ الْمَرْضِيُّ: أَنَّ الْإِمَامَ حَيْثُ تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَحْدُودِ كَانَ رَدْعًا لِغَيْرِهِ.

قُلْتُ: وَتَمَامُهُ أَنْ يُقَالَ: وَحَيْثُ صَلَّى عَلَيْهِ يَكُونُ هُنَاكَ قَرِينَةٌ لَا يُحْتَاجُ مَعَهَا إِلَى الرَّدْعِ فَيَخْتَلِفُ حِينَئِذٍ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَالِكٌ: يَأْمُرُ الْإِمَامُ بِالرَّجْمِ وَلَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يُرْفَعُ عَنْهُ حَتَّى يَمُوتَ، وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ يُغَسِّلُونَهُ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ؛ رَدْعًا لِأَهْلِ الْمَعَاصِي إِذَا عَلِمُوا أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلِئَلَّا يَجْتَرِئَ النَّاسُ عَلَى مِثْلِ فِعْلِهِ.

وَعَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَالْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْجُومِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَعَنِ الشَّافِعِيِّ: لَا يُكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ لَا يُصَلَّى عَلَى الْمَرْجُومِ وَلَا عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ، وَعَنْ قَتَادَةَ لَا يُصَلَّى عَلَى الْمَوْلُودِ مِنَ الزِّنَا، وَأَطْلَقَ عِيَاضٌ فَقَالَ: لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِ الْفِسْقِ وَالْمَعَاصِي وَالْمَقْتُولِينَ فِي الْحُدُودِ وَإِنْ كَرِهَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ إِلَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمُحَارِبِينَ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ فِي الْمَيِّتَةِ مِنْ نِفَاسِ الزِّنَا وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، قَالَ: وَحَدِيثُ الْبَابِ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٢٦ - بَاب مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا دُونَ الْحَدِّ فَأَخْبَرَ الْإِمَامَ، فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ إِذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا. قَالَ عَطَاءٌ: لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِيُّ Object وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَلَمْ يُعَاقِبْ الَّذِي جَامَعَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ صَاحِبَ الظَّبْيِ، وَفِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ ابن مَسْعُودٍ، عَنْ النَّبِيِّ Object

٦٨٢١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ