للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ هَذَا يُطَلُّ، فَقَالَ: أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَنَحْوُهُ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ لَكِنْ قَالَ: فَقَالَتْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلَةِ.

وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرَةَ: فَقَالَ أَبُوهَا إِنَّمَا يَعْقِلُهَا بَنُوهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: الدِّيَةُ عَلَى الْعَصَبَةِ وَفِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ، فَقَالَ: مَا وُضِعَ فَحَلَّ وَلَا صَاحَ فَاسْتَهَلَّ، فَأَبْطِلْهُ فَمِثْلُهُ يُطَلُّ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ الِاخْتِلَافُ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ أَبِيهَا وَأَخِيهَا وَزَوْجِهَا قَالُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ مِنْ عَصَبَتِهَا بِخِلَافِ الْمَقْتُولَةِ فَإِنَّ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ الْمَقْتُولَةَ عَامِرِيَّةٌ وَالْقَاتِلَةَ هُذَلِيَّةٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أُسَامَةَ: فَقَالَ دَعْنِي مِنْ أَرَاجِيزِ الْأَعْرَابِ، وَفِي لَفْظٍ: أَسَجَاعَةٌ بِكَ، وَفِي آخَرَ: أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ؟ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ شَاعِرٌ، وَفِي لَفْظٍ: لَسْنَا مِنْ أَسَاجِيعِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي شَيْءٍ.

وَفِيهِ: فَقَالَ: إِنَّ لَهَا وَلَدًا هُمْ سَادَةُ الْحَيِّ وَهُمْ أَحَقُّ أَنْ يَعْقِلُوا عَنْ أُمِّهِمْ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَعْقِلَ عَنْ أُخْتِكَ مِنْ وَلَدِهَا، فَقَالَ: مَا لِي شَيْءٌ، قَالَ حَمَلٌ وَهُوَ يَوْمئِذٍ عَلَى صَدَقَاتِ هُذَيْلٍ وَهُوَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ وَأَبُو الْجَنِينِ: اقْبِضْ مِنْ صَدَقَاتِ هُذَيْلٍ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ: مَا لَهُ عَبْدٌ وَلَا أَمَةٌ، قَالَ: عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ، قَالُوا: مَا لَهُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تُعِينَهُ مِنْ صَدَقَةِ بَنِي لِحْيَانَ فَأَعَانَهُ بِهَا، فَسَعَى حَمَلٌ عَلَيْهَا حَتَّى اسْتَوْفَاهَا، وَفِي حَدِيثِهِ عِنْدَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ: فَقَضَى أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ وَفِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَعَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ أَوْ مِائَةُ شَاةٍ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ.

وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ مُرْسَلًا: فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالدِّيَةِ فِي الْمَرْأَةِ وَفِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ فَرَسٌ، وَأَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ إِلَى أَنَّ ذِكْرَ الْفَرَسِ فِي الْمَرْفُوعِ وَهْمٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ أُدْرِجَ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْسِيرِ لِلْغُرَّةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ بِلَفْظِ: فَقَضَى أَنَّ فِي الْجَنِينِ غُرَّةً، قَالَ طَاوُسٌ: الْفَرَسُ غُرَّةٌ.

قُلْتُ: وَكَذَا أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: الْفَرَسُ غُرَّةٌ، وَكَأَنَّهُمَا رَأَيَا أَنَّ الْفَرَسَ أَحَقُّ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ الْغُرَّةِ مِنَ الْآدَمِيِّ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْخَطَّابِيُّ، عَنْ طَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: الْغُرَّةُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ فَرَسٌ.

وَتَوَسَّعَ دَاوُدُ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَقَالُوا: يُجْزِئُ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ غُرَّةٍ، وَالْغُرَّةُ فِي الْأَصْلِ الْبَيَاضُ يَكُونُ فِي جَبْهَةِ الْفَرَسِ، وَقَدِ اسْتُعْمِلَ لِلْآدَمِيِّ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْوُضُوءِ: إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا، وَتُطْلَقُ الْغُرَّةُ عَلَى الشَّيْءِ النَّفِيسِ آدَمِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَقِيلَ: أُطْلِقَ عَلَى الْآدَمِيِّ غُرَّةٌ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْحَيَوَانِ، فَإِنَّ مَحَلَّ الْغُرَّةِ الْوَجْهُ وَالْوَجْهُ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ.

قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: قَرَأَهُ الْعَامَّةُ بِالْإِضَافَةِ وَغَيْرُهُمْ بِالتَّنْوِينِ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ الْخِلَافَ، وَقَالَ: التَّنْوِينُ أَوْجَهُ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِلْغُرَّةِ مَا هِيَ، وَتَوْجِيهُ الْآخَرِ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُضَافُ إِلَى نَفْسِهِ لَكِنَّهُ نَادِرٌ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ الْمَخْصُوصَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَقِيلَ الْمَرْفُوعُ مِنَ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: بِغُرَّةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَشَكٌّ مِنَ الرَّاوِي فِي الْمُرَادِ بِهَا، قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْحَمَرَانُ أَوْلَى مِنَ السَّوَدَانِ فِي هَذَا.

وَعَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ: الْغُرَّةُ عَبْدٌ أَبْيَضُ أَوْ أَمَةٌ بَيْضَاءُ، قَالَ: فَلَا يُجْزِئُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ سَوْدَاءُ؛ إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْغُرَّةِ مَعْنًى زَائِدٌ لَمَا ذَكَرَهَا وَلَقَالَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، وَيُقَالُ إِنَّهُ انْفَرَدَ بِذَلِكَ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْإِجْزَاءِ فِيمَا لَوْ أَخْرَجَ سَوْدَاءُ، وَأَجَابُوا بِأَنَّ الْمَعْنَى الزَّائِدَ كَوْنُهُ نَفِيسًا فَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ بِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ أَشْرَفُ الْحَيَوَانِ.

وَعَلَى هَذَا فَالَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ زِيَادَةِ ذِكْرِ