للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٩٤٧ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ ﵁ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ. قَالَ: فَسَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا أُكْرِهَ حَتَّى وَهَبَ عَبْدًا أَوْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ، وَالْعَبْدُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ.

قَوْلُهُ: (وَبِهِ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ قَالَ: فَإِنْ نَذَرَ الْمُشْتَرِي فِيهِ نَذْرًا فَهُوَ جَائِزٌ) أَيْ مَاضٍ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ الصَّادِرُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ.

قَوْلُهُ: (بِزَعْمِهِ) أَيْ عِنْدَهُ، وَالزَّعْمُ يُطْلَقُ عَلَى الْقَوْلِ كَثِيرًا.

قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ إِنْ دَبَّرَهُ) أَيْ يَنْعَقِدُ التَّدْبِيرُ، نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ قَالَ: وَافَقَ الْكُوفِيُّونَ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْمُكْرَهُ بَاطِلٌ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيْعَ مَعَ الْإِكْرَاهِ غَيْرُ نَاقِلٍ لِلْمِلْكِ، فَإِنْ سَلَّمُوا ذَلِكَ بَطَلَ قَوْلُهُمْ إِنَّ نَذْرَ الْمُشْتَرِي وَتَدْبِيرَهُ يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْأَوَّلِ فِيهِ، وَإِنْ قَالُوا إِنَّهُ نَاقِلٌ فَلِمَ خَصُّوا ذَلِكَ بِالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنَ التَّصَرُّفَاتِ؟

قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: ذَكَرَ الْمَشَايِخُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ بَعْضُ النَّاسِ الْحَنَفِيَّةُ وَغَرَضُهُ أَنَّهُمْ تَنَاقَضُوا، فَإِنَّ بَيْعَ الْإِكْرَاهِ إِنْ كَانَ نَاقِلًا لِلْمِلْكِ إِلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالنَّذْرِ وَالتَّدْبِيرِ، وَإِنْ قَالُوا لَيْسَ بِنَاقِلٍ فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ وَالتَّدْبِيرُ أَيْضًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ صَحَّحُوا النَّذْرَ وَالتَّدْبِيرَ بِدُونِ الْمِلْكِ، وَفِيهِ تَحَكُّمٌ وَتَخْصِيصٌ بِغَيْرِ مُخَصِّصٍ.

وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لَا يَجُورُ مَعَهُ الْبَيْعُ، وَذُكِرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ دَبَّرَهُ جَازَ وَكَذَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ نَافِذٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْعِتْقِ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَوَجْهُ الرَّدِّ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الَّذِي دَبَّرَهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ كَانَ تَدْبِيرُهُ سَفَهًا مِنْ فَاعِلِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ لِلْعَبْدِ كَانَ صَحِيحًا فَكَانَ مَنِ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا وَلَمْ يَصِحَّ لَهُ مِلْكُهُ إِذَا دَبَّرَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْلَى أَنْ يَرُدَّ فِعْلَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لَهُ مِلْكُهُ.

٥ - بَاب مِنْ الْإِكْرَاهِ كُرْهًا وَكَرْهًا وَاحِدٌ

٦٩٤٨ - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: وَحَدَّثَنِي عَطَاءٌ أَبُو الحَسَنِ السُّوَائِيُّ وَلَا أَظُنُّهُ إِلَّا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ الْآيَةَ. قَالَ: كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجَوهَا وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجْوهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (بَابٌ مِنَ الْإِكْرَاهِ) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ مَا وَرَدَ فِي كَرَاهِيَةِ الْإِكْرَاهِ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ، فَإِنَّهُ أَوْرَدَهُ هُنَاكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ.

وَهُنَا عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، وَحُسَيْنٌ نَيْسَابُورِيٌّ مَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْكَلَابَاذِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ ﷺ