للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْحُكْمَ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي عَدَالَةِ الشُّهُودِ فَيَحْكُمُ بِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمْ وَإِنْ كَانُوا فِي الْبَاطِنِ شُهُودَ زُورٍ، وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ إِنَّمَا جَوَّزَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ مِمَّنْ يَشْتَرِيهَا جَرْيًا مِنْهُ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ سَلَامَتُهَا مِنَ الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ، وَلَمْ يُجَوِّزْ قَطُّ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَتَوَاطَآنِ عَلَى أَلْفٍ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ يُحْضِرَانِ سِلْعَةً تُحَلِّلُ الرِّبَا وَلَا سِيَّمَا إِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْبَائِعُ بَيْعَهَا وَلَا الْمُشْتَرِي شِرَاءَهَا، وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ لَيْسَتْ مِلْكًا لِلْبَائِعِ كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ سِلْعَةٌ لِغَيْرِهِ فَيُوقِعُ الْعَقْدَ وَيَدَّعِي أَنَّهَا مِلْكُهُ وَيُصَدِّقُهُ الْمُشْتَرِي فَيُوقِعَانِ الْعَقْدَ عَلَى الْأَكْثَرِ ثُمَّ يَسْتَعِيدُهَا الْبَائِعُ بِالْأَقَلِّ وَيَتَرَتَّبُ الْأَكْثَرُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي الظَّاهِرِ، وَلَوْ عَلِمَ الَّذِي جَوَّزَ ذَلِكَ بِذَلِكَ لَبَادَرَ إِلَى إِنْكَارِهِ لِأَنَّ

لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ، فَقَدْ يَذْكُرُ الْعَالِمُ الشَّيْءَ وَلَا يَسْتَحْضِرُ لَازِمَهُ حَتَّى إِذَا عَرَفَهُ أَنْكَرَهُ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ جِدًّا وَهَذَا مُلَخَّصُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْإِثْمِ فِي الْعَقْدِ بُطْلَانُهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، فَالشَّافِعِيَّةُ يُجَوِّزُونَ الْعُقُودَ عَلَى ظَاهِرِهَا يَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ إِنَّ مَنْ عَمِلَ الْحِيَلَ بِالْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ يَأْثَمُ فِي الْبَاطِنِ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ الِانْفِصَالُ عَنْ إِشْكَالِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٨ - بَاب مَا يُنْهَى عنْ الِاحْتِيَالِ لِلْوَلِيِّ فِي الْيَتِيمَةِ الْمَرْغُوبَةِ، وَأَنْ لَا يُكَمِّلَ لَهَا صَدَاقَهَا

٦٩٦٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ ﴿كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ قَالَتْ: هِيَ الْيَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا فَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ﴾ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُنْهَى عَنِ الِاحْتِيَالِ لِلْوَلِيِّ فِي الْيَتِيمَةِ الْمَرْغُوبَةِ وَأَنْ لَا يُكَمِّلَ لَهَا صَدَاقَهَا) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ وَلَمْ يَسُقْهُ بِتَمَامِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِهَذَا السَّنَدِ فِي النِّكَاحِ تَامًّا.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ يَتِيمَةً بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا وَلَا أَنْ يُعْطِيَهَا مِنَ الْعُرُوضِ فِي صَدَاقِهَا مَالًا يَفِي بِقِيمَةِ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَفِي قَوْلِهِ: فِي الْيَتَامَى حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فِي نِكَاحِ الْيَتَامَى، وَقَوْلِهِ: ﴿مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ أَيْ مِنْ سِوَاهُنَّ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ: مَعْنَى الْآيَةِ وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِي الْيَتَامَى الْأَطْفَالِ اللَّاتِي لَا أَوْلِيَاءَ لَهُنَّ يُطَالِبُونَكُمْ بِحُقُوقِهِنَّ وَلَا تَأْمَنُوا مِنْ تَرْكِ الْقِيَامِ بِحُقُوقِهِنَّ لِعَجْزِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ فَتَزَوَّجُوا مِنَ النِّسَاءِ الْقَادِرَاتِ عَلَى تَدْبِيرِ أُمُورِهِنَّ أَوْ مَنْ لَهُنَّ أَوْلِيَاءُ يَمْنَعُونَكُمْ مِنَ الْحَيْفِ عَلَيْهِنَّ، وَقَوْلِهِ: ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ﴾ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، كَذَا فِي الْأَصْلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ سِيَاقُهُ.

٩ - بَاب إِذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَزَعَمَ أَنَّهَا مَاتَتْ فَقُضِيَ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ الْمَيِّتَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا فَهِيَ لَهُ وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ وَلَا تَكُونُ الْقِيمَةُ ثَمَنًا

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ لِأَخْذِهِ الْقِيمَةَ منه. وَفِي هَذَا احْتِيَالٌ لِمَنْ اشْتَهَى جَارِيَةَ رَجُلٍ لَا يَبِيعُهَا فَغَصَبَهَا وَاعْتَلَّ بِأَنَّهَا مَاتَتْ حَتَّى يَأْخُذَ رَبُّهَا قِيمَتَهَا فَيَطِيبُ لِلْغَاصِبِ جَارِيَةَ غَيْرِهِ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَمْوَالُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.