للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِقَوْلِهِ: أَعْلَامًا إِلَى الرُّؤْيَا الصَّحِيحَةِ الْمُنْتَظِمَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى شُرُوطِهَا، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْعُقَيْلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقِيَ عُمَرُ، عَلِيًّا فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، الرَّجُلُ يَرَى الرُّؤْيَا فَمِنْهَا مَا يَصْدُقُ وَمِنْهَا مَا يَكْذِبُ: قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ Object يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ وَلَا أَمَةٍ يَنَامُ فَيَمْتَلِئُ نَوْمًا إِلَّا تَخْرُجُ بِرُوحِهِ إِلَى الْعَرْشِ، فَالَّذِي لَا يَسْتَيْقِظُ دُونَ الْعَرْشِ فَتِلْكَ الرُّؤْيَا الَّتِي تَصْدُقُ وَالَّذِي يَسْتَيْقِظُ دُونَ الْعَرْشِ فَتِلْكَ الرُّؤْيَا الَّتِي تَكْذِبُ، قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَلْخِيصِهِ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَمْ يُصَحِّحْهُ الْمُؤَلِّفُ، وَلَعَلَّ الْآفَةَ مِنَ الرَّاوِي عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ.

قُلْتُ: هُوَ أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ ذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ بِبَعْضِهِ، وَذَكَرَ فِيهِ اخْتِلَافًا فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا غَيْرَ مَعْزُوٍّ: إِنَّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ كَلَامٌ يُكَلِّمُ بِهِ الْعَبْدَ رَبُّهُ فِي الْمَنَامِ.

وَوُجِدَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ لِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصمات أَخْرَجَهُ فِي الْأَصْلِ الثَّامِنِ وَالسَّبْعِينَ وَهُوَ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ شَيْخِهِ عُمَرَ بْنِ أَبِي عُمَرَ، وَهُوَ وَاهٍ وَفِي سَنَدِهِ جُنَيْدٌ، قَالَ ابْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَادَةَ قَالَ الْحَكِيمُ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ أَيْ فِي الْمَنَامِ، وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، فَالْوَحْيُ لَا يَدْخُلُهُ خَلَلٌ لِأَنَّهُ مَحْرُوسٌ بِخِلَافِ رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهَا قَدْ يَحْضُرُهَا الشَّيْطَانُ.

وَقَالَ الْحَكِيمُ أَيْضًا: وَكَّلَ اللَّهُ بِالرُّؤْيَا مَلَكًا اطَّلَعَ عَلَى أَحْوَالِ بَنِي آدَمَ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَيَنْسَخُ مِنْهَا وَيَضْرِبُ لِكُلٍّ عَلَى قِصَّتِهِ مَثَلًا، فَإِذَا نَامَ مَثَّلَ لَهُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ عَلَى طَرِيقِ الْحِكْمَةِ لِتَكُونَ لَهُ بُشْرَى أَوْ نِذَارَةً أَوْ مُعَاتَبَةً، وَالْآدَمِيُّ قَدْ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ لِشِدَّةِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا فَهُوَ يَكِيدُهُ بِكُلِّ وَجْهٍ وَيُرِيدُ إِفْسَادَ أُمُورِهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ فَيَلْبِسُ عَلَيْهِ رُؤْيَاهُ إِمَّا بِتَغْلِيطِهِ فِيهَا وَإِمَّا بِغَفْلَتِهِ عَنْهَا، ثُمَّ جَمِيعُ الْمَرَائِي تَنْحَصِرُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الصَّادِقَةِ وَهِيَ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَقَدْ تَقَعُ لِغَيْرِهِمْ بِنُدُورٍ وَهِيَ الَّتِي تَقَعُ فِي الْيَقَظَةِ عَلَى وَفْقِ مَا وَقَعَتْ فِي النَّوْمِ، وَالْأَضْغَاثِ وَهِيَ لَا تُنْذِرُ بِشَيْءٍ وَهِيَ أَنْوَاعٌ:

الْأَوَّلُ: تَلَاعُبُ الشَّيْطَانِ لِيُحْزِنَ الرَّائِيَ كَأَنْ يَرَى أَنَّهُ قَطَعَ رَأْسَهُ وَهُوَ يَتْبَعُهُ، أَوْ رَأَى أَنَّهُ وَاقِعٌ فِي هَوْلٍ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنْجِدُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

الثَّانِي: أَنْ يَرَى أَنَّ بَعْضَ الْمَلَائِكَةِ تَأْمُرُهُ أَنْ يَفْعَلَ الْمُحَرَّمَاتِ مَثَلًا وَنَحْوَهُ مِنَ الْمُحَالِ عَقْلًا.

الثَّالِثُ: أَنْ يَرَى مَا تَتَحَدَّثُ بِهِ نَفْسُهُ فِي الْيَقَظَةِ أَوْ يَتَمَنَّاهُ فَيَرَاهُ كَمَا هُوَ فِي الْمَنَامِ وَكَذَا رُؤْيَةُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ فِي الْيَقَظَةِ أَوْ مَا يَغْلِبُ عَلَى مِزَاجِهِ وَيَقَعُ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ غَالِبًا وَعَنِ الْحَالِ كَثِيرًا وَعَنِ الْمَاضِي قَلِيلًا.

ثُمَّ سَاقَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ الصَّحِيحِ، وَقَدْ شَرَحْتُهُ هُنَاكَ ثُمَّ اسْتَدْرَكْتُ مَا فَاتَ مِنْ شَرْحِهِ فِي تَفْسِيرِ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ وَسَأَذْكُرُ هُنَا مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ غَالِبًا مِمَّا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِهِ، وَمَدَارُهُ عَلَى الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَقَدْ سَاقَهُ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَكِنَّهُ سَاقَهُ عَلَى لَفْظِهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، وَقَرَنَهُ فِي التَّفْسِيرِ بِيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَسَاقَهُ عَلَى لَفْظِهِ، ثُمَّ قَرَنَهُ هُنَا بِمَعْمَرٍ وَسَاقَهُ عَلَى لَفْظِهِ.

وَقَوْلُهُ هُنَا: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِثْلَهُ لَكِنْ فِيهِ وَأَخْبَرَنِي بِالْوَاوِ لَا بِالْفَاءِ وَهَذِهِ الْفَاءُ مُعَقِّبَةٌ لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ وَكَذَلِكَ الْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ حَيْثُ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مُرْسَلًا فَذَكَرَ قِصَّةَ بَدْءِ الْوَحْيِ مُخْتَصَرَةً وَنُزُولِ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ: فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ Object بِذَلِكَ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: