للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَارَ فِي حُكْمِهِ وَأَنَّهُ لَا يَنْخَلِعُ بِالْفِسْقِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ الْآيَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: مَا وَجَدْتُ فِي نَفْسِي فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا وَجَدْتُ فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أُقَاتِلْ هَذِهِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ حَمْزَةُ فَقُلْنَا لَهُ: وَمَنْ تَرَى الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ؟ قَالَ: ابْنَ الزُّبَيْرِ بَغَى عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ - يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ - فَأَخْرَجَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَنَكَثَ عَهْدَهُمْ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: (أَبُو شِهَابٍ) هُوَ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ وَعَوْفٌ هُوَ الْأَعْرَابِيُّ، وَالسَّنَدُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ إِلَّا ابْنَ يُونُسَ، وَأَبُو الْمِنْهَالِ هُوَ سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ.

قَوْلُهُ: (لَمَّا كَانَ ابْنُ زِيَادٍ، وَمَرْوَانُ بِالشَّامِ وَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ وَوَثَبَ الْقُرَّاءُ بِالْبَصْرَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ وُثُوبَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَقَعَ بَعْدَ قِيَامِ ابْنِ زِيَادٍ، وَمَرْوَانَ بِالشَّامِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَتَحْرِيرُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ عَوْفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمِنْهَالِ قَالَ: لَمَّا كَانَ زَمَنُ أُخْرِجَ ابْنُ زِيَادٍ يَعْنِي مِنَ الْبَصْرَةِ وَثَبَ مَرْوَانُ بِالشَّامِ وَوَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، وَوَثَبَ الَّذِينَ يُدْعَوْنَ الْقُرَّاءَ بِالْبَصْرَةِ غُمَّ أَبِي غَمًّا شَدِيدًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَوْفٍ وَلَفْظُهُ: وَثَبَ مَرْوَانُ بِالشَّامِ حَيْثُ وَثَبَ وَالْبَاقِي مِثْلَهُ، وَيُصَحِّحُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي شِهَابٍ بِأَنْ تُزَادَ وَاوٌ قَبْلَ قَوْلِهِ وَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَإِنَّ ابْنَ زِيَادٍ لَمَّا أُخْرِجَ مِنَ الْبَصْرَةِ تَوَجَّهَ إِلَى الشَّامِ فَقَامَ مَعَ مَرْوَانَ.

وَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ بِأَسَانِيدِهِ مَا مُلَخَّصُهُ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ كَانَ أَمِيرًا بِالْبَصْرَةِ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَتْهُ وَفَاتُهُ خَطَبَ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ وَذَكَرَ مَا وَقَعَ مِنَ الِاخْتِلَافِ بِالشَّامِ، فَرَضِيَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنْ يَسْتَمِرَّ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى خَلِيفَةٍ فَمَكَثَ عَلَى ذَلِكَ قَلِيلًا، ثُمَّ قَامَ سَلَمَةُ بْنُ ذُؤَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَرْبُوعِيُّ يَدْعُو إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَبَايَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ زِيَادٍ وَأَرَادَ مِنْهُمْ كَفَّ سَلَمَةَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يُجِيبُوهُ، فَلَمَّا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَتْلَ اسْتَجَارَ بِالْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ سُفْيَانَ فَأَرْدَفَهُ لَيْلًا إِلَى أَنْ أَتَى بِهِ مَسْعُودَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَدِيٍّ الْأَزْدِيَّ فَأَجَارَهُ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ اخْتِلَافٌ فَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْمُلَقَّبَ بَبَّهْ بِمُوَحَّدَتَيْنِ الثَّانِيَةُ ثَقِيلَةٌ وَأُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، وَوَقَعَتِ الْحَرْبُ وَقَامَ مَسْعُودٌ بِأَمْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقُتِلَ مَسْعُودٌ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ فَهَرَبَ، فَتَبِعُوهُ وَانْتَهبوا مَا وَجَدُوا لَهُ، وَكَانَ مَسْعُودٌ رَتَّبَ مَعَهُ مِائَةَ نَفْسٍ يَحْرُسُونَهُ، فَقَدِمُوا بِهِ الشَّامَ قَبْلَ أَنْ يُبْرِمُوا أَمْرَهُمْ، فَوَجَدُوا مَرْوَانَ قَدْ هَمَّ أَنْ يَرْحَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ لِيُبَايِعَهُ وَيَسْتَأْمِنَ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَثَنَى رَأْيَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَجَمَعَ مَنْ كَانَ يَهْوَى بَنِي أُمَيَّةَ وَتَوَجَّهُوا إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ بَايَعَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بِهَا لِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَذَا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ

بِحِمْصَ، وَكَذَا نَاتِلٌ بِنُونٍ وَمُثَنَّاةٍ ابْنُ قَيْسٍ بِفِلَسْطِينَ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَى رَأْيِ الْأُمَوِيِّينَ إِلَّا حَسَّانُ بْنُ بَحْدَلٍ بِمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ وَزْنُ جَعْفَرٍ وَهُوَ خَالُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ بِالْأُرْدُنِّ فِيمَنْ أَطَاعَهُ، فَكَانَتِ الْوَقْعَةُ بَيْنَ مَرْوَانَ وَمَنْ مَعَهُ وَبَيْنَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ بِمَرْجِ رَاهِطٍ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ وَتَفَرَّقَ جَمْعُهُ وَبَايَعُوا حِينَئِذٍ مَرْوَانَ بِالْخِلَافَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ فِي تَارِيخِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ: بُويِعَ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، بَايَعَ لَهُ أَهْلُ الْأُرْدُنِّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، وَسَائِرُ النَّاسِ زُبَيْرِيُّونَ، ثُمَّ اقْتَتَلَ مَرْوَانُ، وَشُعْبَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِمَرْجِ رَاهِطٍ فَغَلَبَ مَرْوَانُ وَصَارَتْ لَهُ الشَّامُ وَمِصْرُ، وَكَانَتْ مُدَّتُهُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَهَلَكَ بِدِمَشْقَ وَعَهِدَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ فِي تَارِيخِهِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ