للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ: الدَّجَّالُ وَالدَّابَّةُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. الثَّانِي: قَدْ وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ فِي الْقُرْآنِ إِلَى نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ وَصَحَّ أَنَّهُ الَّذِي يقتل الدَّجَّالَ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ عَنِ الْآخَرِ، وَلِكَوْنِهِ يُلَقَّبُ الْمَسِيحَ كَعِيسَى ; لَكِنَّ الدَّجَّالَ مَسِيحُ الضَّلَالَةِ وَعِيسَى مَسِيحُ الْهُدَى.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَهُ احْتِقَارًا، وَتُعُقِّبَ بِذِكْرِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَلَيْسَتِ الْفِتْنَةُ بِهِمْ بِدُونِ الْفِتْنَةِ بِالدَّجَّالِ وَالَّذِي قَبْلَهُ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ السُّؤَالَ بَاقٍ وَهُوَ مَا الْحِكْمَةُ فِي تَرْكِ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ؟ وَأَجَابَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ اعْتَبَرَ كُلَّ مَنْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمُفْسِدِينَ، فَوَجَدَ كُلَّ مَنْ ذُكِرَ إِنَّمَا هُمْ مِمَّنْ مَضَى وَانْقَضَى أَمْرُهُ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَجِئْ بَعْدُ فَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهُمْ أَحَدًا انْتَهَى. وَهَذَا يَنْتَقِضُ بِيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ. وَقَدْ وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْبَغَوِيِّ أَنَّ الدَّجَّالَ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِ هُنَا الدَّجَّالُ مِنْ إِطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ. وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ، فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَكَفَّلَ النَّبِيُّ Object بِبَيَانِهِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَمَّا مَا يَظْهَرُ عَلَى يَدِهِ مِنَ الْخَوَارِقِ فَسَيُذْكَرُ هُنَا. وَأَمَّا مَتَى يَهْلِكُ وَمَنْ يَقْتُلُهُ؟ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ بَعْدَ ظُهُورِهِ عَلَى الْأَرْضِ كُلِّهَا إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، ثُمَّ يَقْصِدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَيَنْزِلُ عِيسَى فَيَقْتُلُهُ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا. وَسَأَذْكُرُ لَفْظَهُ. وَفِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ Object يَقُولُ: مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فِتْنَةٌ أَعْظَمُ مِنَ الدَّجَّالِ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ.

وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ رَفَعَهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ - يَعْنِي الدَّجَّالَ - فِي نَقْصٍ مِنَ الدُّنْيَا وَخِفَّةٍ مِنَ الدِّينِ وَسُوءِ ذَاتِ بَيْنٍ، فَيَرِدُ كُلَّ مَنْهَلٍ وَتُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ. الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ مِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ: يَتَوَجَّهُ الدَّجَّالُ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ بَابِ دِمَشْقَ الشَّرْقِيِّ. ثُمَّ يَلْتَمِسُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ; ثُمَّ يَرَى عِنْدَ الْمِيَاهِ الَّتِي عِنْدَ نَهَرِ الْكِسْوَةِ، ثُمَّ يَطْلُبُ فَلَا يَدْرِي أَيْنَ تَوَجَّهَ، ثُمَّ يَظْهَرُ بِالْمَشْرِقِ فَيُعْطَى الْخِلَافَةَ، ثُمَّ يُظْهِرُ السِّحْرَ، ثُمَّ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ فَتَتَفَرَّقُ النَّاسُ عَنْهُ، فَيَأْتِي النَّهَرَ فَيَأْمُرُهُ أَنْ يَسِيلَ إِلَيْهِ فَيَسِيلَ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَرْجِعَ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَيْبَسَ فَيَيْبَسَ، وَيَأْمُرُ جَبَلَ طُورٍ وَجَبَلَ زِيتَا أَنْ يَنْتَطِحَا فَيَنْتَطِحَا، وَيَأْمُرُ الرِّيحَ أَنْ تُثِيرَ سَحَابًا مِنَ الْبَحْرِ فَتُمْطِرَ الْأَرْضَ، وَيَخُوضُ الْبَحْرَ فِي يَوْمٍ ثَلَاثَ خَوْضَاتٍ، فَلَا يَبْلُغُ حِقْوَيْهِ، وَإِحْدَى يَدَيْهِ أَطْوَلُ مِنَ الْأُخْرَى، فَيَمُدُّ الطَّوِيلَةَ فِي الْبَحْرِ فَتَبْلُغُ قَعْرَهُ فَيُخْرِجُ مِنَ الْحِيتَانِ مَا يُرِيدُ. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَرْجَمَةِ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ أَحَدِ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ مِنَ الْحِلْيَةِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ صَحِيحٍ إِلَيْهِ قَالَ: لَا يَنْجُو مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ وَسَبْعَةُ آلَافِ امْرَأَةٍ، وَهَذَا لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا أَرْسَلَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا:

الحديث الأول: قَوْلُهُ: (يَحْيَى) هُوَ الْقَطَّانُ، وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَقَيْسٌ هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ.

قَوْلُهُ: (قَالَ لِيَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ) عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.

قَوْلُهُ: (مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ Object عَنِ الدَّجَّالِ مَا سَأَلْتُهُ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ.

قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ قَالَ لِي: مَا يَضُرُّكَ مِنْهُ؟) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ: وَمَا يَنْصِبُكَ مِنْهُ بِنُونٍ وَصَادٍ مُهْمَلَةٍ، ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مِنَ النَّصَبِ، بِمَعْنَى التَّعَبِ، وَمِثْلُهُ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَزَادَ: فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ وَمَا يَنْصِبُكَ مِنْهُ؟ وَعِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: وَمَا سُؤَالُكَ عَنْهُ؟ أَيْ: وَمَا سَبَبُ سُؤَالِكِ عَنْهُ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ: مَعْنَى قَوْلِهِ: مَا يَنْصِبُكَ، أَيْ: مَا الَّذِي يَغُمُّكَ مِنْهُ، مِنَ الْغَمِّ حَتَّى يَهُولَكَ أَمْرُهُ، قُلْتُ: وَهُوَ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ، وَإِلَّا فَالنَّصَبُ التَّعَبُ وَزْنُهُ وَمَعْنَاه،