للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِلْأَكْثَرِ وَالْجُمْهُورُ مَكْتُوبًا وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِمَّا اسْمُ إِنَّ وَإِمَّا حَالٌ، وَتَوْجِيهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ حَذَفَ اسْمَ إِنَّ وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ خَبَرِ إِنَّ وَالِاسْمُ الْمَحْذُوفُ إِمَّا ضَمِيرُ الشَّأْنِ أَوْ يَعُودُ عَلَى الدَّجَّالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَافِرٌ مُبْتَدَأً وَالْخَبَرُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر وَمِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ بِلَفْظِ الدَّجَّالِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر أَيْ كَافِرٌ، وَمِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسٍ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ثُمَّ تَهَجَّاهَا ك ف ر يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهَذَا أَخَصُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ يَقْرَؤُهُ الْأُمِّيُّ وَالْكَاتِبُ وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ وَلِأَحْمَدَ، عَنْ جَابِرٍ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ مُهَجَّاةٌ وَمِثْلُهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فِي قَوْلِهِ ك ف ر إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ فِعْلَ وَفَاعِلَ مِنَ الْكُفْرِ إِنَّمَا يُكْتَبُ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَكَذَا هُوَ فِي رَسْمُ الْمُصْحَفِ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْخَطِّ أَثْبَتُوا فِي فَاعِلٍ أَلِفًا فَذَاكَ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ، وَقَوْلُهُ: يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ. إِخْبَارٌ بِالْحَقِيقَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِدْرَاكَ فِي الْبَصَرِ يَخْلُقُهُ اللَّهُ لِلْعَبْدِ كَيْفَ شَاءَ وَمَتَى شَاءَ، فَهَذَا يَرَاهُ الْمُؤْمِنُ بِغَيْرِ بَصَرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ، وَلَا يَرَاهُ الْكَافِرُ وَلَوْ كَانَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ كَمَا يَرَى الْمُؤْمِنُ الْأَدِلَّةَ بِعَيْنِ بَصِيرَتِهِ وَلَا يَرَاهَا الْكَافِرُ فَيَخْلُقُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ الْإِدْرَاكَ دُونَ تَعَلُّمٍ لِأَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ تَنْخَرِقُ فِيهِ الْعَادَاتُ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ يَقْرَؤُهُ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ عُمُومًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخْتَصَّ بِبَعْضِهِمْ مِمَّنْ قَوِيَ إِيمَانُهُ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ الْكِتَابَةَ الْمَذْكُورَةَ حَقِيقَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَامَةً قَاطِعَةً بِكَذِبِ الدَّجَّالِ فَيُظْهِرُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ عَلَيْهَا وَيُخْفِيهَا عَلَى مَنْ أَرَادَ شَقَاوَتَهُ. وَحَكَى عِيَاضٌ خِلَافًا وَأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ هِيَ مَجَازٌ عَنْ سِمَةِ الْحُدُوثِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ أَنْ لَا تَكُونَ الْكِتَابَةُ حَقِيقَةً بَلْ يُقَدِّرُ اللَّهُ عَلَى غَيْرِ الْكَاتِبِ عِلْمَ الْإِدْرَاكِ فَيَقْرَأُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ لَهُ مَعْرِفَةُ الْكِتَابَةِ، وَكَأَنَّ السِّرَّ اللَّطِيفَ فِي أَنَّ الْكَاتِبَ وَغَيْرَ الْكَاتِبِ يَقْرَأُ ذَلِكَ لِمُنَاسَبَةِ أَنَّ كَوْنَهُ أَعْوَرَ يُدْرِكُهُ كُلُّ مَنْ رَآهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ وَالْحَادِي عَشَرَ، قَوْلُهُ: (فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ) أَيْ يَدْخُلُ فِي الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَصْلَ الْبَابِ فَيَتَنَاوَلَ كَلَامُهُ كُلَّ شَيْءٍ وَرَدَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالدَّجَّالِ مِنْ حَدِيثِ الْمَذْكُورِينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ خُصُوصَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ وَهُوَ أَقْرَبُ، فَمِمَّا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ نُوحٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا عَنِ الدَّجَّالِ مَا حَدَّثَ بِهِ نَبِيٌّ قَوْمَهُ؟ إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّهُ يَجِيءُ مَعَهُ تِمْثَالُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَالَّتِي يَقُولُ إِنَّهَا الْجَنَّةُ هِيَ النَّارُ، وَإِنِّي أُنْذِرُكُمْ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ: يَخْرُجُ مَسِيحُ الضَّلَالَةِ فَيَبْلُغُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ مِنَ الْأَرْضِ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَيَلْقَى الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُ شِدَّةً شَدِيدَةً الْحَدِيثَ، وَمِمَّا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي الْمَلَائِكَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذِكْرِ صِفَةِ مُوسَى ﵇ وَفِيهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى الدَّجَّالَ وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ فِي الدَّجَّالِ: أَعْوَرُ هِجَانُ - بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ؛ أَيْ أَبْيَضُ أَزْهَرُ - كَأَنَّ رَأْسَهُ أَصَلَةٌ أَشْبَهُ

النَّاسِ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَأَمَّا هَلَكَ الْهُلَّكُ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَفِي لَفْظٍ لِلطَّبَرَانِيِّ ضَخْمٌ فَيْلَمَانِيٌّ