للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي الزِّنَادِ تَفَرَّدَ بِهِ، نَعَمْ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ إِلَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَهُوَ تَفَرُّدٌ نِسْبِيٌّ، وَقِصَّةُ ثَابِتٍ يُمْكِنُ أَنْ تَتَّحِدَ مَعَ قِصَّةِ خَارِجَةَ بِأَنَّ مِنْ لَازِمِ تَعَلُّمِ كِتَابَةِ الْيَهُودِيَّةِ تَعَلُّمَ لِسَانِهِمْ، وَلِسَانُهُمُ السُّرْيَانِيَّةُ.

لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّ لِسَانَهُمُ الْعِبْرَانِيَّةُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ زَيْدًا تَعَلَّمَ اللِّسَانَيْنِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى ذَلِكَ وَقَدِ اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي أَنَّ الَّذِي يَجْزِمُ بِهِ الْبُخَارِيُّ يَكُونُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهَذَا مَعَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي الزِّنَادِ قَدْ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِهِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، لَيْسَ بِشَيْءٍ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ ضَعِيفٌ وَعَنْهُ هُوَ دُونَ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَبَّةَ: صَدُوقٌ وَفِي حَدِيثِهِ ضَعْفٌ سَمِعْتُ عَلِيَّ ابْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ: حَدِيثُهُ بِالْمَدِينَةِ مُقَارِبٌ وَبِالْعِرَاقِ مُضْطَرِبٌ وَقَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: نَحْوَ قَوْلِ عَلِيٍّ، وَقَالَا: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يَحُطُّ عَلَى حَدِيثِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ: لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ غَيْرُهُمْ كَالْعِجْلِيِّ، وَالتِّرْمِذِيِّ فَيَكُونُ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَا يَتَّجِهُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ بَلْ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا، وَكُنْتُ سَأَلْتُ شَيْخَيَّ الْإِمَامَيْنِ الْعِرَاقِيَّ، وَالْبُلْقِينِيَّ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ فَكَتَبَ لِي كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُمَا: لَا يَعْرِفَانِ لَهُ مُتَابِعًا وَعَوَّلَا جَمِيعًا عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: ثِقَةٌ فَاعْتَمَدَهُ وَزَادَ شَيْخُنَا الْعِرَاقِيُّ أَنَّ صِحَّةَ مَا يَجْزِم بِهِ الْبُخَارِيُّ لَا يَتَوَقَّفُ أَنْ يَكُونَ عَلَى شَرْطِهِ وَهُوَ تَنْقِيبٌ جَيِّدٌ، ثُمَّ ظَفِرْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمُتَابِعِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فَانْتَفَى الِاعْتِرَاضُ مِنْ أَصْلِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

قَوْلُهُ: وَقَالَ عُمَرُ) أَيِ ابْنُ الْخَطَّابِ (وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ) أَيِ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ (وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) أَيِ ابْنُ عَوْفٍ (وَعُثْمَانُ) أَيِ ابْنُ عَفَّانَ (مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ) أَيِ الْمَرْأَةُ الَّتِي وُجِدَتْ حُبْلَى (قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ فَقُلْتُ: تُخْبِرُكَ بِصَاحِبِهَا الَّذِي صَنَعَ بِهَا) وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْعِلْمِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ فَذَكَرَهُ وَبَعْدَهُ فَقَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوُا النَّبِيَّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قِصَّتِهِمْ، وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِزِيَادَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَبَيْنَ النَّاسِ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَسَأَلَتْهُ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ فَنَهَى عَنْهُ، وَقَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمِينَ) نَقَلَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ أَنَّهَا رُوِيَتْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَبِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: بِأَنَّ الْأَلْسِنَةَ قَدْ تَكْثُرُ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَكْثِيرِ الْمُتَرْجِمِينَ. قُلْتُ: وَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْمُرَادُ بِبَعْضِ النَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَإِنَّهُ الَّذِي اشْتَرَطَ أَنْ لَا بُدَّ فِي التَّرْجَمَةِ مِنَ اثْنَيْنِ وَنَزَّلَهَا مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ وَخَالَفَ أَصْحَابُهُ الْكُوفِيِّينَ وَوَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ فَتَعَلَّقَ بِذَلِكَ مُغَلْطَايْ فَقَالَ: فِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْبُخَارِيَّ إِذَا قَالَ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ يُرِيدُ الْحَنَفِيَّةَ، وَتَعَقَّبَهُ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ: يُحْمَلُ عَلَى الْأَغْلَبِ أَوْ أَرَادَ هُنَا بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا قَائِلٌ بِذَلِكَ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يُوَافِقَهُ الشَّافِعِيُّ كَمَا لَا يَمْنَعُ أَنْ يُوَافِقَ الْحَنَفِيَّةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ.

ثُمَّ ذَكَرَ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ فِي قِصَّةِ هِرَقْلَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ بِهَذَا السَّنَدِ مُطَوَّلًا وَالْغَرَضَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ إِلَخْ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَمْ يُدْخِلِ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ هِرَقْلَ حُجَّةً عَلَى جَوَازِ التَّرْجُمَانِ الْمُشْتَرَكِ، لِأَنَّ تَرْجُمَانَ هِرَقْلَ كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، وَإِنَّمَا أَدْخَلَهُ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ التَّرْجُمَانَ كَانَ يَجْرِي عِنْدَ الْأُمَمِ مَجْرَى الْخَبَرِ لَا مَجْرَى الشَّهَادَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ قِصَّةِ هِرَقْلَ مَعَ أَنَّ فِعْلَهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا صَوَابٌ مِنْ رَأْيِهِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِمَّا أَوْرَدَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ صَوَابٌ مُوَافِقٌ لِلْحَقِّ، فَمَوْضِعُ الدَّلِيلِ تَصْوِيبُ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ لِهَذَا وَأَمْثَالِهِ مِنْ رَأْيِهِ وَحُسْنِ تَفَطُّنِهِ وَمُنَاسَبَةِ اسْتِدْلَالِهِ وَإِنْ كَانَ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الشَّقَاوَةُ، انْتَهَى.

وَتَكْمِلَةُ هَذَا أَنْ يُقَالَ: