للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نَعَمْ قَالَ أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ وَالتَّنَازُعِ) زَادَ غَيْرُ أَبِي ذَرٍّ فِي الْعِلْمِ، وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِالتَّنَازُعِ وَالتَّعَمُّقِ مَعًا، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ وَالْغُلُوُّ فِي الدِّينِ وَالْبِدَعِ يَتَنَاوَلُهُمَا وَقَوْلُهُ: لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ﴾ صَدْرُ الْآيَةِ يَتَعَلَّقُ بِفُرُوعِ الدِّينِ، وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالْعِلْمِ، وَمَا بَعْدَهُ يَتَعَلَّقُ بِأُصُولِهِ، فَأَمَّا التَّعَمُّقُ فَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَبِتَشْدِيدِ الْمِيمِ ثُمَّ قَافٍ، وَمَعْنَاهُ التَّشْدِيدُ فِي الْأَمْرِ حَتَّى يَتَجَاوَزَ الْحَدَّ فِيهِ، وَقَدْ وَقَعَ شَرْحُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوِصَالِ فِي الصِّيَامِ، حَيْثُ قَالَ: حَتَّى يَدَعَ الْمُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ، وَأَمَّا التَّنَازُعُ فَمِنَ الْمُنَازَعَةِ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ: الْمُجَاذَبَةُ، وَيُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الْمُجَادَلَةِ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُجَادَلَةُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الْحُكْمِ إِذَا لَمْ يَتَّضِحِ الدَّلِيلُ، وَالْمَذْمُومُ مِنْهُ اللَّجَاجُ بَعْدَ قِيَامِ الدَّلِيلِ، وَأَمَّا الْغُلُوُّ فَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي الشَّيْءِ وَالتَّشْدِيدُ فِيهِ بِتَجَاوُزِ الْحَدِّ، وَفِيهِ مَعْنَى التَّعَمُّقِ، يُقَالُ غَلَا فِي الشَّيْءِ يَغْلُو غُلُوًّا وَغَلَا السِّعْرُ يَغْلُو غَلَاءً إِذَا جَاوَزَ الْعَادَةَ، وَالسَّهْمُ يَغْلُو غَلْوًا بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ إِذَا بَلَغَ غَايَةَ مَا يُرْمَى، وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ صَرِيحًا فِيمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ Object فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي حَصَى الرَّمْيِ، وَفِيهِ: وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ قَبْلَكُمُ

الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ وَأَمَّا الْبِدَعُ فَهُوَ جَمْعُ بِدْعَةٍ، وَهِيَ كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ لَهُ مِثَالٌ تَقَدَّمَ، فَيَشْمَلُ - لُغَةً - مَا يُحْمَدُ وَيُذَمُّ، وَيَخْتَصُّ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ بِمَا يُذَمُّ، وَإِنْ وَرَدَتْ فِي الْمَحْمُودِ فَعَلَى مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ.

وَاسْتِدْلَالُهُ بِالْآيَةِ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ لَفْظَ أَهْلِ الْكِتَابِ لِلتَّعْمِيمِ؛ لِيَتَنَاوَلَ غَيْرَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ تَنَاوُلَهَا مِنْ عَدَا الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِالْإِلْحَاقِ، وَذَكَرَ فِيهِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ.

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَقَوْلُهُ هُنَا لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَاضِي فِي كِتَابِ التَّمَنِّي، وَلَوْ مُدَّ لِي فِي الشَّهْرِ لَوَاصَلْتُ وِصَالًا يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ. وَإِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَشَارَ فِي التَّرْجَمَةِ لَكِنَّهُ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي إِيرَادِ مَا لَا يُنَاسِبُ التَّرْجَمَةَ ظَاهِرًا إِذَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ مَا يُعْطِي ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُ هَذَا فِي كِتَابِ الصِّيَامِ بِزِيَادَةٍ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ كَالْمُنْكِي بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَبَعْدَ الْكَافِ يَاءٌ سَاكِنَةٌ مِنَ النِّكَايَةِ، كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ السَّرَخْسِيِّ، وَعَنِ الْمُسْتَمْلِي بِرَاءٍ بَدَلَ الْيَاءِ مِنَ الْإِنْكَارِ، وَعَلَى هَذَا فَاللَّامُ فِي لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَى، وَعَنِ الْكُشمِيهَنِيِّ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ الْمَكْسُورَةِ بَعْدَهَا لَامٌ مِنَ النَّكَالِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْبَاقِينَ، وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي أَبِي) هُوَ يَزِيدُ بْنُ شَرِيكٍ التَّيْمِيُّ.

قَوْلُهُ (خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ) بِالْمَدِّ وَضَمِّ الْجِيمِ هُوَ الطُّوبُ الْمَشْوِيُّ وَيُقَالُ بِمَدٍّ وَزِيَادَةِ وَاوٍ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.

قَوْلُهُ: (فَنَشَرَهَا) أَيْ فَتَحَهَا.

قَوْلُهُ (فَإِذَا فِيهَا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ دَفَعَهَا لِمَنْ قَرَأَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَرَأَهَا بِنَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: (الْمَدِينَةُ حَرَمٌ) تَقَدَّمَ شَرْحُ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ مُسْتَوْعَبًا.

قَوْلُهُ (ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ) تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ، وَقَوْلُهُ فَمَنْ أَخْفَرَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَأَلِفٍ أَيْ غَدَرَ بِهِ، وَالْهَمْزَةُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ أَزَالَ عَنْهُ الْخَفْرَ وَهُوَ السِّتْرُ.

قَوْلُهُ (مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ) تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الْفَرَائِضِ، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ أَنَّ الصَّحِيفَةَ الْمَذْكُورَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَشْيَاءَ غَيْرَ هَذِهِ