للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَلَامِهِ الْأَخِيرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ وَقَدْ عَلِمَ الْجَمِيعُ بِأَنَّ النُّصُوصَ لَمْ تُحِطْ بِجَمِيعِ الْحَوَادِثِ فَعَرَفْنَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَبَانَ حُكْمَهَا بِغَيْرِ طَرِيقِ النَّصِّ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ

يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ لِأَنَّ الِاسْتِنْبَاطَ هُوَ الِاسْتِخْرَاجُ وَهُوَ بِالْقِيَاسِ، لِأَنَّ النَّصَّ ظَاهِرٌ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي الْقِيَاسِ وَأَلْزَمَهُمُ التَّنَاقُضَ، لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمْ إِذَا لَمْ يُوجَدِ النَّصُّ الرُّجُوعَ إِلَى الْإِجْمَاعِ. قَالَ: فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى تَرْكِ الْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، فَوَضَحَ أَنَّ الْقِيَاسَ إِنَّمَا يُنْكَرُ إِذَا اسْتُعْمِلَ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ أَوِ الْإِجْمَاعِ لَا عِنْدَ فَقْدِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

١٤ - بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ Object لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ

٧٣١٩ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ Object، عَنْ النَّبِيِّ Object قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ فَقَالَ: وَمَنْ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ؟

٧٣٢٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ مِنْ الْيَمَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ Object قَالَ: "لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ؟

قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ Object لَتَتَّبِعُنَّ) بِمُثَنَّاتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَنُونٍ ثَقِيلَةٍ، وَأَصْلُهُ تَتَّبِعُونَ (سَنَنَ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ بَعْدَهَا نُونٌ أُخْرَى (مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) بِفَتْحِ اللَّامِ، وَلَفْظُ التَّرْجَمَةِ مُطَابِقٌ لِلَفْظِ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: عَنِ الْمَقْبُرِيِّ) هُوَ سَعِيدٌ وَسَمَّاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.

قَوْلُهُ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا) كَذَا هُنَا بِمُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ وَأَلِفٍ مَهْمُوزَةٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ، وَالْأَخْذُ بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَسُكُونِ الْخَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ هُوَ السِّيرَةُ، يُقَالُ أَخَذَ فُلَانٌ بِأَخْذِ فُلَانٍ؛ أَيْ سَارَ بِسِيرَتِهِ، وَمَا أَخَذَ أَخْذَهُ، أَيْ مَا فَعَلَ فِعْلَهُ وَلَا قَصَدَ قَصْدَهُ، وَقِيلَ الْأَلِفُ مُثَلَّثَةٌ، وَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ إِخَذٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ جَمْعُ إِخْذَةٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ مِثْلَ كِسْرَةٍ وَكِسَرٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِمَا أَخَذَ الْقُرُونُ بِمُوَحَّدَةٍ، وَمَا الْمَوْصُولَةُ، وَأَخَذَ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي، وَهِيَ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ مَأْخَذَ بِمِيمٍ مَفْتُوحَةٍ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ، وَالْقُرُونُ جَمْعُ قَرْنٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْأُمَّةُ مِنَ النَّاسِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ الْأُمَمِ وَالْقُرُونِ.

قَوْلُهُ: شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا ذِرَاعًا.

قَوْلُهُ: (فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَقَالَ رَجُلٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مُسَمًّى.

قَوْلُهُ: (كَفَارِسَ وَالرُّومِ) يَعْنِي الْأُمَّتَيْنِ الْمَشْهُورَتَيْنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَهُمُ الْفُرْسُ فِي مَلِكِهِمْ كِسْرَى، وَالرُّومُ فِي مَلِكِهِمْ قَيْصَرَ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فَعَلَتْ فَارِسُ وَالرُّومُ.

قَوْلُهُ: وَمَنِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ) أَيْ فَارِسُ وَالرُّومُ، لِكَوْنِهِمْ كَانُوا إِذْ ذَاكَ