للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ)؛ أَيْ: فِي التَّطَهُّرِ، وَالْمُرَادُ بِالْفَضْلِ الْمَاءُ الَّذِي يَبْقَى فِي الظَّرْفِ بَعْدَ الْفَرَاغِ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَرَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) هَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْهُ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ كَانَ جَرِيرٌ يَسْتَاكُ وَيَغْمِسُ رَأْسَ سِوَاكِهِ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ لِأَهْلِهِ: تَوَضَّئُوا بِفَضْلِهِ، لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُبَيِّنَةٌ لِلْمُرَادِ، وَظَنَّ ابْنُ التِّينِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَضْلِ سِوَاكِهِ الْمَاءُ الَّذِي يُنْتَقَعُ فِيهِ الْعُودُ مِنَ الْأَرَاكِ وَغَيْرِهِ لَيْلَيْنِ، فَقَالُوا: يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُغَيِّرِ الْمَاءَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ صَنِيعَهُ ذَلِكَ لَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ، وَكَذَا مُجَرَّدُ الِاسْتِعْمَالِ لَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ فَلَا يَمْتَنِعُ التَّطَهُّرُ بِهِ.

وَقَدْ صَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ: كَأَنْ يَقُولُ لِأَهْلِهِ: تَوَضَّؤُوا مِنْ هَذَا الَّذِي أُدْخِلُ فِيهِ سِوَاكِي. وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِ سِوَاكِهِ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَذَكَرَ أَبُو طَالِبٍ فِي مَسَائِلِهِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: كَانَ يُدْخِلُ السِّوَاكَ فِي الْإِنَاءِ وَيَسْتَاكُ، فَإِذَا فَرَغَ تَوَضَّأَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ.

وَقَدِ اسْتَشْكَلَ إِيرَادُ الْبُخَارِيِّ لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَعْقُودِ لِطَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ السِّوَاكَ مُطَهِّرٌ لِلْفَمِ، فَإِذَا خَالَطَ الْمَاءَ ثُمَّ حَصَلَ الْوُضُوءُ بِذَلِكَ الْمَاءِ كَانَ فِيهِ اسْتِعْمَالٌ لِلْمُسْتَعْمَلِ فِي الطَّهَارَةِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ) هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ تَصْغِيرُ عَتَبَةَ بِالْمُثَنَّاةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ، كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْكُوفِيِّينَ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ. وَحَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ الْمَذْكُورُ سَتَأْتِي مَبَاحِثُهُ فِي بَابِ السُّتْرَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُ: يَأْخُذُونَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ. كَأَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الْمَاءَ الَّذِي فَضَلَ عَنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا تَنَاوَلُوا مَا سَالَ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ ﷺ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ.

١٨٨ - وَقَالَ أَبُو مُوسَى: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قال لَهُمَا: اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا.

[الحديث ١٨٨ - طرافاه في: ١٩٦، ٤٣٢٨]

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى) هُوَ الْأَشْعَرِيُّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ مُطَوَّلٍ أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْمَغَازِي، وَأَوَّلُهُ عَنْ أَبِي مُوسَى، قال: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ بِالْجِعِرَّانَةِ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ. . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَعُرِفَ مِنْهُ تَفْسِيرُ الْمُبْهَمَيْنِ فِي قَوْلِهِ اشْرَبَا وَهُمَا أَبُو مُوسَى، وَبِلَالٌ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ طَرَفًا مِنْهُ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ فِي بَابِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فِي الْمِخْضَبِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ قَلِيلٍ.

قَوْلُهُ: (وَمَجَّ فِيهِ)؛ أَيْ: صَبَّ مَا تَنَاوَلَهُ مِنَ الْمَاءِ فِي الْإِنَاءِ، وَالْغَرَضُ بِذَلِكَ إِيجَادُ الْبَرَكَةِ بِرِيقِهِ الْمُبَارَكِ.

١٨٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قال: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، قال: وَهُوَ الَّذِي مَجَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ غُلَامٌ مِنْ بِئْرِهِمْ. وَقَالَ عُرْوَةُ عَنْ الْمِسْوَرِ، وَغَيْرِهِ: يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ النَّبِيُّ ﷺ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَصَالِحٌ هُوَ ابْنُ كَيْسَانَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ هَذَا فِي بَابِ مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ مِنْ كِتَابِ الْعِلْمِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عُرْوَةُ) هُوَ ابْنُ الزُّبَيْرِ (عَنِ الْمِسْوَرِ) هُوَ ابْنُ مَخْرَمَةَ.

قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) هُوَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ كَمَا سَيَأْتِي مَوْصُولًا مُطَوَّلًا فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: