للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَدَعَا بِمَاءٍ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّوْرَ.

قَوْلُهُ: (فَكَفَأَهُ)؛ أَيْ: أَمَالَهُ، وَلِلْأَصِيلِيِّ فَأَكْفَأَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى.

قَوْلُهُ (فَأَقْبَلَ بِيَدِهِ) كَذَا هُنَا بِالْإِفْرَادِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِالتَّثْنِيَةِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ)؛ أَيْ: بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ وَحَدِيثِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ طَرِيقُ مُوسَى هَذِهِ فِي بَابِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَذَكَرَ فِيهَا أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ مَرَّةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْخِلَافِ فِي اسْتِحْبَابِ الْعَدَدِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ، وَذَكَرْنَا قَوْلَ أَبِي دَاوُدَ: إِنَّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ عَنْ عُثْمَانَ لَيْسَ فِيهَا عَدَدٌ لِمَسْحِ الرَّأْسِ، وَأَنَّهُ أَوْرَدَ الْعَدَدَ مِنْ طَرِيقَيْنِ صَحَّحَ أَحَدَهُمَا غَيْرُهُ، وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ (١)، فَيُحْمَلُ قَوْلُ أَبِي دَاوُدَ عَلَى إِرَادَةِ اسْتِثْنَاءِ الطَّرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا، فَكَأَنَّهُ قال: إِلَّا هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ.

قال ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: فِي الِاصْطِلَامِ (٢): اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ يُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّدِ، فَيَكُونُ مَسَحَ تَارَةً مَرَّةً وَتَارَةً ثَلَاثًا، فَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ مَسَحَ مَرَّةً حُجَّةٌ عَلَى مَنْعِ التَّعَدُّدِ. وَيُحْتَجُّ لِلتَّعَدُّدِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَغْسُولِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ طَهَارَةٌ حُكْمِيَّةٌ، وَلَا فَرْقَ فِي الطَّهَارَةِ الْحُكْمِيَّةِ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ. وَأُجِيبَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ بِخِلَافِ الْغَسْلِ، وَلَوْ شُرِعَ التَّكْرَارُ لَصَارَتْ صُورَتُهُ صُورَةَ الْمَغْسُولِ. وَقَدِ اتُّفِقَ عَلَى كَرَاهَةِ غَسْلِ الرَّأْسِ بَدَلَ الْمَسْحِ وَإِنْ كَانَ مُجْزِئًا، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْخِفَّةَ تَقْتَضِي عَدَمَ الِاسْتِيعَابِ وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ فَلْيَكُنِ الْعَدَدُ كَذَلِكَ، وَجَوَابُهُ وَاضِحٌ.

وَمِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى عَدَمِ الْعَدَدِ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ؛ حَيْثُ قال النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ: مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ. فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ عَلَى الْمَرَّةِ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ، وَيُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي تَثْلِيثِ الْمَسْحِ - إِنْ صَحَّتْ - عَلَى إِرَادَةِ الِاسْتِيعَابِ بِالْمَسْحِ، لَا أَنَّهَا مَسَحَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِجَمِيعِ الرَّأْسِ. جَمْعًا بَيْنَ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ.

(تَنْبِيهٌ): لَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ذِكْرُ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَجَوَّزَ الْكِرْمَانِيُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَفْعُولَ غَسَلَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي، وَالتَّقْدِيرُ: فَغَسَلَ وَجْهَهُ أَوْ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ. قُلْتُ: وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ.

وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مُسْلِمٌ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِمَا الْمَذْكُورَةِ وَفِيهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِصَارَ مِنْ مُسَدَّدٍ، كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّكَّ مِنْهُ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَذَفَ الْوَجْهَ إِذَا لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ اخْتِلَافٌ، وَذَكَرَ مَا عَدَاهُ لِمَا فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مِنَ الْإِفْرَادِ وَالْجَمْعِ، وَلِمَا فِي إِدْخَالِ الْمِرْفَقَيْنِ، وَلِمَا فِي مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ، وَلِمَا فِي الرِّجْلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، انْتَهَى مُلَخَّصًا، وَلَا ي خْفَى تَكَلُّفُهُ.

٤٣ - بَاب وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ. وَتَوَضَّأَ عُمَرُ بِالْحَمِيمِ مِنْ بَيْتِ نَصْرَانِيَّةٍ

١٩٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قال: كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّؤُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جَمِيعًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ) بِضَمِّ الْوَاوِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الْفِعْلُ.

قَوْلُهُ: (وَفَضْلُ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَاءُ الْفَاضِلُ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْوُضُوءِ، وَهُوَ بِالْخَفْضِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ وُضُوءِ الرَّجُلِ.

قَوْلُهُ:


(١) سبق فيص ٢٦٠ أنها زيادة شاذة فلا يعتمد عليها. والله أعلم
(٢) كتاب له في الرد على أبوزيد الدبوسي