للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِأَنَّ السِّوَاكَ يَمُرُّ عَلَى الْأَسْنَانِ، أَوْ لِأَنَّهُ يَسُنُّهَا أَيْ يُحَدِّدُهَا.

قَوْلُهُ: (يَقُولُ) أَيِ النَّبِيُّ أَوِ السِّوَاكُ مَجَازًا.

قَوْلُهُ: (أُعْ أُعْ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَأَشَارَ ابْنُ التِّينِ إِلَى أَنَّ غَيْرَهُ رَوَاهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ، عَنْ حَمَّادٍ بِتَقْدِيمِ الْعَيْنِ عَلَى الْهَمْزَةِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، عَنْ عَارِمٍ - وَهُوَ أَبُو النُّعْمَانِ - شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَلِأَبِي دَاوُدَ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ هَاءٍ، وَلِلْجَوْزَقِيِّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ بَدَلَ الْهَاءِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَشْهَرُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ لِتَقَارُبِ مَخَارِجِ هَذِهِ الْأَحْرُفِ، وَكُلِّهَا تَرْجِعُ إِلَى حِكَايَةِ صَوْتِهِ إِذْ جَعَلَ السِّوَاكَ عَلَى طَرَفِ لِسَانِهِ كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَالْمُرَادُ طَرَفُهُ الدَّاخِلُ كَمَا عِنْدَ أَحْمَدَ يَسْتَنُّ إِلَى فَوْقُ وَلِهَذَا قَالَ هُنَا كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ وَالتَّهَوُّعُ التَّقَيُّؤُ، أَيْ لَهُ صَوْتٌ كَصَوْتِ الْمُتَقَيِّئِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ.

وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ السِّوَاكِ عَلَى اللِّسَانِ طُولًا، أَمَّا الْأَسْنَانُ فَالْأَحَبُّ فِيهَا أَنْ تَكُونَ عَرْضًا، وَفِيهِ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَلَهُ شَاهِدٌ مَوْصُولٌ عِنْدَ الْعُقَيْلِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ وَفِيهِ تَأْكِيدُ السِّوَاكِ وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَسْنَانِ، وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنْظِيفِ وَالتَّطَيُّبِ لَا مِنْ بَابِ إِزَالَةِ الْقَاذُورَاتِ ; لِكَوْنِهِ لَمْ يَخْتَفِ بِهِ، وَبَوَّبُوا عَلَيْهِ اسْتِيَاكُ الْإِمَامِ بِحَضْرَةِ رَعِيَّتِهِ.

٢٤٥ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ

[الحديث ٢٤٥ - طرفاه في: ١١٣٦، ٨٨٩]

قَوْلُهُ: (عَنْ حُذَيْفَةَ) هُوَ ابْنُ الْيَمَانِ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (يَشُوصُ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ، وَالشَّوْصُ بِالْفَتْحِ الْغَسْلُ وَالتَّنْظِيفُ، كَذَا فِي الصِّحَاحِ، وَفِي الْمُحْكَمِ الْغَسْلُ عَنْ كُرَاعٍ وَالتَّنْقِيَةُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ وَالدَّلْكُ عَنِ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ، وَقِيلَ الْإِمْرَارُ عَلَى الْأَسْنَانِ مِنْ أَسْفَلُ إِلَى فَوْقُ، وَاسْتَدَلَّ قَائِلُهُ بِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّوْصَةِ وَهِيَ رِيحٌ تَرْفَعُ الْقَلْبَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَعَكَسَهُ الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ: هُوَ دَلْكُ الْأَسْنَانِ بِالسِّوَاكِ أَوِ الْأَصَابِعِ عَرْضًا، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ السِّوَاكِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ ; لِأَنَّ النَّوْمَ مُقْتَضٍ لِتَغَيُّرِ الْفَمِ لِمَا يَتَصَاعَدُ إِلَيْهِ مِنْ أَبْخِرَةِ الْمَعِدَةِ، وَالسِّوَاكُ آلَةُ تَنْظِيفِهِ فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ مُقْتَضَاهُ، قَالَ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ عَامٌّ فِي كُلِّ حَالَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَصَّ بِمَا إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قُلْتُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّلَاةِ بِلَفْظِ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَشْهَدُ لَهُ، وَكَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ السِّرُّ فِي ذِكْرِهِ فِي التَّرْجَمَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَثِيرًا مِنْ أَحْكَامِ السِّوَاكِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الصِّيَامِ كَمَا سَتَأْتِي فِي أَمَاكِنِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٧٤ - بَاب دَفْعِ السِّوَاكِ إِلَى الْأَكْبَرِ

٢٤٦ - وَقَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءَنِي رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى الْأَكْبَرِ مِنْهُمَا، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ عَنْ ابْن الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ دَفْعِ السِّوَاكِ إِلَى الْأَكْبَرِ) وَقَالَ عَفَّانُ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَا رِوَايَةٍ.

قُلْتُ: وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ عَفَّانَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ.