للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ الْغُسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيَّدْ بِعَدَدٍ فَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ مَا يُسَمَّى وَهُوَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ) هُوَ ابْنُ زِيَادٍ، وَبَاقِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ.

قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (فَغَسَلَ يَدَهُ)، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ يَدَيْهِ (مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) الشَّكُّ مِنَ الْأَعْمَشِ كَمَا سَيَأْتِي مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْهُ، وَغَفَلَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ: الشَّكُّ مِنْ مَيْمُونَةَ.

قَوْلُهُ: (مَذَاكِيرَهُ) هُوَ جَمْعُ ذَكَرٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقِيلَ وَاحِدُهُ مِذْكَارٌ، وَكَأَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْعُضْوِ وَبَيْنَ خِلَافِ الْأُنْثَى، قَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ، وَقِيلَ وَاحِدُهُ مِذْكَارٌ، وَقَالَ ابْنُ خَرُوفٍ: إِنَّمَا جَمْعُهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجَسَدِ إِلَّا وَاحِدٌ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَتَّصِلُ بِهِ، وَأَطْلَقَ عَلَى الْكُلِّ اسْمَهُ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْمَجْمُوعِ كَالذَّكَرِ فِي حُكْمِ الْغَسْلِ.

٦ - بَاب مَنْ بَدَأَ بِالْحِلَابِ أَوْ الطِّيبِ عِنْدَ الْغُسْلِ

٢٥٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلَابِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ بَدَأَ بِالْحِلَابِ أَوْ الطِّيبِ عِنْدَ الْغُسْلِ) مُطَابَقَةُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لِحَدِيثِ الْبَابِ أَشْكَلَ أَمْرُهَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ نَسَبَ الْبُخَارِيَّ فِيهَا إِلَى الْوَهْمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَ لَفْظَ الْحِلَابِ عَلَى غَيْرِ الْمَعْرُوفِ فِي الرِّوَايَةِ لِتَتَّجِهَ الْمُطَابَقَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَكَلَّفَ لَهَا تَوْجِيهًا مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ.

فَأَمَّا الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَأَوَّلُهُمُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي الْبُخَارِيَّ - مَنْ ذَا الَّذِي يَسْلَمُ مِنَ الْغَلَطِ، سَبَقَ إِلَى قَلْبِهِ أَنَّ الْحِلَابَ طِيبٌ وَأَيُّ مَعْنًى لِلطِّيبِ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَإِنَّمَا الْحِلَابُ إِنَاءٌ وَهُوَ مَا يُحْلَبُ فِيهِ يُسَمَّى حِلَابًا وَمِحْلَبًا، قَالَ: وَفِي تَأَمُّلِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ ذَلِكَ حَيْثُ جَاءَ فِيهِ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ حِلَابٍ. انْتَهَى.

وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ حِبَّانَ أَيْضًا، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ: الْحِلَابُ إِنَاءٌ يَسَعُ قَدْرَ حَلْبِ نَاقَةٍ، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَتَأَوَّلَهُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ فِي الطَّهُورِ، وَأَحْسَبُهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْمِحْلَبُ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي غَسْلِ الْأَيْدِي، وَلَيْسَ الْحِلَابُ مِنَ الطِّيبِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَا فَسَّرْتُ لَكَ، قَالَ: وَقَالَ الشَّاعِرُ:

صَاحِ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ بِرَاعٍ … رَدَّ فِي الضَّرْعِ مَا فَرَى فِي الْحِلَابِ

وَتَبِعَ الْخَطَّابِيَّ، ابْنُ قُرْقُولٍ فِي الْمَطَالِعِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَجَمَاعَةٌ، وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَأَوَّلُهُمُ الْأَزْهَرِيُّ، قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: الْحِلَابُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ضَبَطَهُ جَمَاعَةٌ بِالْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ الْخَفِيفَةِ أَيْ مَا يُحْلَبُ فِيهِ كَالْمِحْلَبِ فَصَحَّفُوهُ، وَإِنَّمَا هُوَ الْجُلَّابُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَهُوَ مَاءُ الْوَرْدِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى الْأَزْهَرِيِّ هَذَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الرِّوَايَةِ بِالْمُهْمَلَةِ وَالتَّخْفِيفِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَيْضًا، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: لِأَنَّ الطِّيبَ يُسْتَعْمَلُ بَعْدَ الْغُسْلِ أَلْيَقُ مِنْهُ قَبْلَهُ وَأَوْلَى ; لِأَنَّهُ إِذَا بَدَأَ بِهِ ثُمَّ اغْتَسَلَ أَذْهَبَهُ الْمَاءُ، وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى غَرِيبِ الصَّحِيحَيْنِ: ضَمَّ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ حَدِيثِ الْفَرَقِ وَحَدِيثِ قَدْرِ الصَّاعِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَكَأَنَّهُ تَأَوَّلَهَا عَلَى الْإِنَاءِ، وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَرُبَّمَا