للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مُعْتَرَضٌ أَيْضًا، فَقَدْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إنَّهُ قَالَ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ جَمَاعَةٌ، فَسَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ: وَمِنَ التَّابِعِينَ الْأَعْمَشُ، وَتَبِعَهُ عِيَاضٌ، لَكِنْ قَالَ: لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ غَيْرُهُ، وَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا، فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَطِيبُ نَفْسِي إِذَا لَمْ أُنْزِلَ حَتَّى أَغْتَسِلَ مِنْ أَجْلِ اخْتِلَافِ النَّاسِ لِأَخْذِنَا بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ: حَدِيثُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ ثَابِتٌ لَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ إِلَى أَنْ قَالَ: فَخَالَفَنَا بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا - يَعْنِي مِنَ الْحِجَازِيِّينَ - فَقَالُوا: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ حَتَّى يُنْزِلَ اهـ.

فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى إِيجَابِ الْغُسْلِ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَ كِتَابُ الْغُسْلِ - وَمَا مَعَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْجَنَابَةِ - مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ حَدِيثًا الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا، الْمَوْصُولُ مِنْهَا أحد وَعِشْرُونَ، وَالْبَقِيَّةُ تَعْلِيقٌ وَمُتَابَعَةٌ، وَالْخَالِصُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا وَاحِدٌ مُعَلَّقٌ، وَهُوَ حَدِيثُ بَهْزٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جِدِّهِ، وَقَدْ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَاهُ وَسِوَى حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْغُسْلِ بِصَاعٍ، وَحَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَحَدِيثِهِ فِي الِاغْتِسَالِ مَعَ الْمَرْأَةِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي صِفَةِ غُسْلِ الْمَرْأَةِ مِنَ الْجَنَابَةِ. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَشَرَةٌ الْمُعَلَّقُ مِنْهَا سَبْعَةٌ، وَالْمَوْصُولُ ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ الْأَخِيرِ، فَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا عَنْهُمْ فَتَزِيدُ عِدَّةُ الْخَالِصِ مِنَ الْمَرْفُوعِ ثَلَاثَةً، وَهِيَ أَيْضًا مِنْ أَفْرَادِهِ عَنْ مُسْلِمٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٦ - كِتَاب الْحَيْضِ

وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [٢٢٢ البقرة]

قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم - كِتَابُ الْحَيْضِ) أَصْلُهُ السَّيَلَانُ، وَفِي الْعُرْفِ جَرَيَانُ دَمِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْحَيْضِ، وَالْمَحِيضُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هُوَ الْحَيْضُ، وَقِيلَ زَمَانُهُ، وَقِيلَ مَكَانُهُ.

قَوْلُهُ: (أَذًى) قَالَ الطِّيبِيُّ: سُمِّيَ الْحَيْضُ أَذًى لِنَتَنِهِ وَقَذَرِهِ وَنَجَاسَتِهِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْأَذَى الْمَكْرُوهُ الَّذِي لَيْسَ بِشَدِيدٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى﴾ فَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَحِيضَ أَذًى يَعْت زِلُ مِنَ الْمَرْأَةِ مَوْضِعَهُ، وَلَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى بَقِيَّةِ بَدَنِهَا.

قَوْلُهُ: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ رَوَى مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ، فَقَالَ اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ، فَأَنْكَرَتِ الْيَهُودُ ذَلِكَ، فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نُجَامِعُهُنَّ فِي الْحَيْضِ؟ يَعْنِي خِلَافًا لِلْيَهُودِ، فَلَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنِ السُّدِّيِّ أَنَّ الَّذِي سَأَلَ أَوَّلًا عَنْ ذَلِكَ هُوَ ثَابِتُ بْنُ الدَّحْدَاحِ.