للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١ - بَاب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْحَيْضِ

وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ الْحَيْضُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَحَدِيثُ النَّبِيِّ ﷺ أَكْثَرُ

قَوْلُهُ: (بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْحَيْضِ) أَيِ ابْتِدَاؤُهُ، وَفِي إِعْرَابِ بَابٍ الْأَوْجُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَوَّلَ الْكِتَابِ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: هَذَا شَيْءٌ) يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ عَقِبَهُ، لَكِنْ بِلَفْظِ هَذَا أَمْرٌ وَقَدْ وَصَلَهُ بِلَفْظِ شَيْءٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ أَوْ سِتَّةٍ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هَذَا إِلَى الْحَيْضِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ أَوَّلُ) بِالرَّفْعِ ; لِأَنَّهُ اسْمُ كَانَ وَالْخَبَرُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَيْ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، قَالَ: كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُصَلُّونَ جَمِيعًا، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَتَشَرَّفُ لِلرَّجُلِ، فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَ، وَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ، وَعِنْدَهُ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ.

قَوْلُهُ: (وَحَدِيثُ النَّبِيِّ ﷺ أَكْثَرُ) قِيلَ مَعْنَاهُ أَشْمَلُ ; لِأَنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ بَنَاتِ آدَمَ، فَيَتَنَاوَلُ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَمَنْ قَبْلَهُنَّ، أَوِ الْمُرَادُ أَكْثَرُ شَوَاهِدَ أَوْ أَكْثَرُ قُوَّةً، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ، فَإِنَّ نِسَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: بَنَاتُ آدَمَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ. قُلْتُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّعْمِيمِ بِأَنَّ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ طُولُ مُكْثِهِ بِهِنَّ عُقُوبَةً لَهُنَّ لَا ابْتِدَاءُ وُجُودِهِ.

وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ﴾ أَيْ حَاضَتْ. وَالْقِصَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِلَا رَيْبٍ، وَرَوَى الْحَاكِمُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ كَانَ عَلَى حَوَّاءَ بَعْدَ أَنْ أُهْبِطَتْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَبَنَاتُ آدَمَ بَنَاتُهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

باب الأمر بالنفساء إذا نفسن

٢٩٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: خَرَجْنَا لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا أَبْكِي قَالَ: مَا لَكِ أَنُفِسْتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ، قَالَتْ: وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ.

[الحديث ٢٤٩ - أطرافه في: ٧٢٢٩، ٦٢٥٧، ٥٥٥٩، ٥٥٤٨، ٥٣٢٩، ٤٤٠٨، ٤٤٠١، ٤٣٩٥، ٢٩٨٤، ٢٩٥٢، ١٧٨٨، ١٧٨٧، ١٧٨٦، ١٧٨٣، ١٧٧٢، ١٧٧١، ١٧٦٢، ١٧٥٧، ١٧٣٣، ١٧٢، ١٧٠٩، ١٦٥٠، ١٦٣٨، ١٥٦٢، ١٥٦٠، ١٥٥٦، ١٥١٨، ١٥١٦، ٣٢٨، ٣١٩، ٣١٧، ٣١٦، ٣٠٥]

قولُهُ: (بَابُ الْأَمْرِ بِالنُّفَسَاءِ) أَيِ الْأَمْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالنُّفَسَاءِ، وَالْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ: (إِذَا نَفَسْنَ) بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ، وَسَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِنْ أَكْثَرِ الرُّوَايَاتِ غَيْرَ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ، وَتَرْجَمَ بِالنُّفَسَاءِ إِشْعَارًا بِأَنَّ ذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى الْحَائِضِ لِقِوْلِ عَائِشَةَ فِي الْحَدِيثِ (حِضْتُ) وَقَوْلُهُ ﷺ لَهَا (أَنُفِسْتِ) وَهُوَ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا، وَقِيْلَ بِالضَّمِّ فِي الْوِلَادَةِ وَبِالْفَتْحِ فِي الْحَيْضِ، وَأَصْلُهُ خُرُوجُ الدَّمِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَفْسًا، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ لِذَلِكَ بَعْدَ بَابَيْنِ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ الْقَاسِمَ) يَعْنِي أَبَاهُ، وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.

قَوْلُهُ: (لَا نُرَى) بِالضَّمِّ أَيْ لَا نَظُنُّ. وسَرِفُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوٌ مِنْ عَشْرَةِ أَمْيَالٍ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنَ