للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبِي الْحُوَيْرِثِ، وَأَبِي صَالِحٍ مِنَ الضَّعْفِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي إِيجَابِ مَسْحِ الذِّرَاعَيْنِ بَعْدُ بِبَابٍ وَاحِدٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ ﷺ كَانَ عَادِمًا لِلْمَاءِ حَالَ التَّيَمُّمِ. قَالَ: وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ، لَكِنْ تُعُقِّبَ اسْتِدْلَالُهُ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ بِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ، وَهُوَ إِرَادَةُ ذِكْرِ اللَّهِ ; لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَامِ مِنْ أَسْمَائِهِ، وَمَا أُرِيدَ بِهِ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا تَيَمَّمَ فِي الْحَضَرِ لِرَدِّ السَّلَامِ - مَعَ جَوَازِهِ بِدُونِ الطَّهَارَةِ - فَمَنْ خَشِيَ فَوْتَ الصَّلَاةِ فِي الْحَضَرِ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِعَدَمِ جَوَازِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ﷺ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ رَفْعَ الْحَدَثِ، وَلَا اسْتِبَاحَةَ مَحْظُورٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّشَبُّهَ بِالْمُتَطَهِّرِينَ كَمَا يُشْرَعُ الْإِمْسَاكُ فِي رَمَضَانَ لِمَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ، أَوْ أَرَادَ تَخْفِيفَ الْحَدَثِ بِالتَّيَمُّمِ كَمَا يُشْرَعُ تَخْفِيفُ حَدَثِ الْجُنُبِ بِالْوُضُوءِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ بَطَّالٍ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ التُّرَابِ قَالَ: لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَقْ بِيَدِهِ مِنَ الْجِدَارِ تُرَابٌ، وَنُوقِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ، وَقَدْ سِيقَ مِنْ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْجِدَارِ تُرَابٌ، وَلِهَذَا احْتَاجَ إِلَى حَتِّهِ بِالْعَصَا.

٤ - بَاب الْمُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا

٣٣٨ - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبْ الْمَاءَ، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا، فَضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ.

[الحديث ٣٣٨ - أطرافه في: ٣٤٧، ٣٤٦، ٣٤٥، ٣٤٣، ٣٤١، ٣٤٠، ٣٣٩]

قَوْلُهُ: (بَابُ الْمُتَيَمِّمِ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا) أَيْ فِي يَدَيْهِ، وَزَعَمَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَابُ هَلْ يَنْفُخُ فِي يَدَيْهِ بَعْدَمَا يَضْرِبُ بِهِمَا الصَّعِيدَ لِلتَّيَمُّمِ وَإِنَّمَا تَرْجَمَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ فِيهِ احْتِمَالًا كَعَادَتِهِ ; لِأَنَّ النَّفْخَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ عَلِقَ بِيَدِهِ خَشِيَ أَنْ يُصِيبَ وَجْهَهُ الْكَرِيمَ، أَوْ عَلِقَ بِيَدِهِ مِنَ التُّرَابِ شَيْءٌ لَهُ كَثْرَةٌ فَأَرَادَ تَخْفِيفَهُ لِئَلَّا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ فِي وَجْهِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ التَّشْرِيعِ، وَمِنْ ثَمَّ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَجَازَ التَّيَمُّمَ بِغَيْرِ التُّرَابِ زَاعِمًا أَنَّ نَفْخَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرَطَ فِي التَّيَمُّمِ الضَّرْبُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْفِعْلُ مُحْتَمِلًا لِمَا ذَكَرَ أَوْرَدَهُ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ لِيَعْرِفَ النَّاظِرُ أَنَّ لِلْبَحْثِ فِيهِ مَجَالًا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ) هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ. الْفَقِيهُ الْكُوفِيُّ، وَذَرٌّ بِالْمُعْجَمَةِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْهَبِيُّ.

قَوْلُهُ: (جَاءَ رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ الْآتِيَةِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبْزَى شَهِدَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ أُصِبِ الْمَاءَ، فَقَالَ عَمَّارٌ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ اخْتَصَرَ فِيهَا جَوَابَ عُمَرَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنِ الْمُصَنِّفِ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ آدَمَ أَيْضًا بِدُونِهَا، وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ رِوَايَةِ سِتَّةِ أَنْفُسٍ أَيْضًا عَنْ شُعْبَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَسُقْهُ تَامًّا مِنْ رِوَايَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، نَعَمْ ذَكَرَ جَوَابَ عُمَرَ، مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ وَلَفْظُهُمَا فَقَالَ لَا تُصَلِّ زَادَ السَّرَّاجُ حَتَّى تَجِدَ الْمَاءَ وَلِلنَّسَائِيِّ نَحْوُهُ. وَهَذَا مَذْهَبٌ مَشْهُورٌ عَنْ عُمَرَ، وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَجَرَتْ فِيه مُنَاظَرَةٌ بَيْنَ أَبِي مُوسَى، وَابْنِ مَسْعُودٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابٌ التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ، وَقِيلَ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ تَوْجِيهَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فِي ذَلِكَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (فِي سَفَرٍ)