للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمه فهو شهيد» (١) ، فكيف بقتال هؤلاء الخارجين عن شرائع الإسلام، المحاربين لله ورسوله، الذين صولهم وبغيهم أقل ما فيهم، فإن قتال المعتدين الصائلين ثابت بالسنة والإجماع، وهؤلاء معتدون صائلون على المسلمين: في أنفسهم، وأموالهم، وحرمهم، ودينهم، وكل من هذه يبيح قتال الصائل عليها، ومن قتل دونها فهو شهيد، فكيف بمن قاتل عليها كلها» (٢) .

نعم؛ الخلاف فيها مذكور، ولكن الجماهير على الجواز، وبعضهم يقيد مشروعيتها ببعض القيود، يظهر ذلك من كلام أبي حامد الغزّالي وغيره، قال -رحمه الله- في «الإحياء» (٣) في كتاب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) :

«لا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل، وإن علم أنه يقتل، وكما أنه يجوز أن يقاتل الكفار حتى يقتل جاز -أيضاً- ذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن لو علم أنه لا نكاية لهجومه على الكفار، كالأعمى يطرح نفسه على الصف، أو العاجز، فذلك حرام، وداخل تحت عموم آية التهلكة، وإنما جاز له الإقدام إذا علم أنه لا يُقْتل حتى يَقْتل، أو علم أنه يكسر قلوب الكفار بمشاهدتهم جرأته، واعتقادهم في سائر المسلمين قلة المبالاة، وحبهم للشهادة في سبيل الله، فتكسر بذلك شوكتهم» .


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» (رقم ٢٤٨٠) ، ومسلم في «صحيحه» (رقم ١٤١) مختصراً بلفظ: «من قتل دون ماله فهو شهيد» .
وأخرجه الترمذي في «الجامع» (رقم ١٤٢١) ، وأبو داود في «سننه» (رقم ٤٧٧٢) ، وفيهما: «دون أهله» ، بدل: «دون حرمه» ، وهو صحيح، كما في «صحيح الترغيب والترهيب» (رقم ١٤١١) .
(٢) «مجموع فتاوى ابن تيمية» (٢٨/٥٤٠-٥٤١) .
(٣) (٧/٢٦ - مع شرحه «إتحاف السادة المتقين» ) .

<<  <   >  >>