للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحادي عشر: معنى قوله: بارَكْنا حَوْلَهُ:

الراغب رحمه الله: «البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء، والمبارك ما فيه ذلك الخير» .

المصباح: «البركة الزيادة والنّماء، وبارك الله تعالى فيه فهو مبارك، والأصل مبارك فيه» .

الأنموذج: فإن قيل: كيف قال: بارَكْنا حَوْلَهُ، ولم يقل باركنا عليه أو فيه، مع أن البركة في المسجد تكون أكثر من خارج المسجد وحوله، خصوصا المسجد الأقصى؟ قلنا أراد البركة الدنيوية كالأنهار الجارية والأشجار المثمرة، وذلك حوله لا فيه. وقيل أراد البركة الدينية فإنه مقر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومتعبّدهم ومهبط الوحى والملائكة. وإنما قال: بارَكْنا حَوْلَهُ، لتكون بركته أعمّ وأشمل، فإنه أراد بما حوله ما أحاط به من أرض الشام وما قاربه منها، وذلك أوسع من مقدار بيت المقدس، ولأنه إذا كان هو الأصل، وقد بارك في لواحقه وتوابعه من البقاع كان هو مباركا فيه بالطريق الأولى بخلاف العكس. وقيل أراد بالبركة: الدينية والدنيوية ووجههما ما مرّ.

وقيل المراد: باركنا ما حوله من بركة نشأت منه، فعمّت جميع الأرض، لأن مياه الأرض كلها أصل انفجارها من تحت صخرة بيت المقدس» . انتهى.

الكفيل: «فإن قيل إذا كانت البركة حول المسجد الأقصى فماذا يتميز عليه المسجد الحرام؟ قلت: البركة حول المسجد الأقصى باعتبار الدنيا ورفاهيتها وخصبها، والبركة حول المسجد الحرام باعتبار الدين والفضل وتضعيف الحسنات فيه للطائفين والعاكفين والمتوطنين والوافدين، لأن الأجر يكون على قدر النّصب، وهو واد غير ذي زرع، نزهه الله عن خصب الدنيا وسعتها، لئلا يكون القصد إليه ممزوجا بقصد الدنيا، فهذه البركة الدينية أفضل من تلك البركة الدنيوية» . انتهى.

«وحوله» منصوب على الظرف أي أوقعنا البركة حوله، وقيل تقديره: باركنا ما حوله.

أبو عبيد الهروي رحمه الله تعالى: «رأيت الناس حوله وحواليه وحواله ويجمع أحوالا» .

الراغب: حول الشيء جانبه الذي يمكن أن يتحوّل إليه والضمير راجع إلى المسجد الأقصى» .

الثاني عشر: في الكلام على قوله تعالى: لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا.

السّمين وابن عادل [ (١) ] : «قرأ العامة بنون العظمة، جريا على «باركنا» ، وفيه التفات من


[ (١) ] عمر بن علي بن عادل الحنبلي الدمشقي، أبو حفص، سراج الدين: صاحب التفسير الكبير «اللباب في علوم الكتاب» توفي سنة ٨٨٠. انظر الأعلام ٥/ ٥٨.